131 - وحدثنا ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا الحسن بن الربيع أبو عاصم عبيد الله بن عبد الله ، عن قال : " انطلق علي بن زيد بن جدعان إلى عمر الشام، ومعه أناس من أصحابه ، حتى إذا دنا من الشام استقبله ، فقال : يا أمير المؤمنين جئت بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تدخلهم أرضا بها الطاعون - الذين هم أئمة يقتدى بهم ؟ قال : فقال له أبو عبيدة بن الجراح يا عمر: أبا عبيدة شككت ؟ فقال : يا أمير المؤمنين أشاكا كان يعقوب صلوات الله عليه إذ قال لبنيه : لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة .
قال : فقال والله لأدخلنها . عمر:
فقال أبو عبيدة: والله لا ندخلها .
قال : فرده " .
فإن قال : فهل أحد ميت إلا بعد استيفائه مدة الأجل الذي كتب له ؟ قيل : لا .
فإن قال : فإن كان كذلك ، فما وجه وقد علمت أن الله - جل وعز - عاب أقواما جلسوا عن مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقتل معه جماعة ممن شهده معه ؟ فقال الذين جلسوا عنه للذين قتلوا معه ; وكانوا قد نهوهم أن يشهدوا ذلك المشهد معه : لو أطاعونا ما قتلوا معه . النهي عن دخول أرض بها الطاعون أو عن الخروج من أرض هو بها ؟
فقال لنبيه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - موبخهم [ ص: 97 ] بقيلهم ما قالوا من ذلك قل : يا محمد لقائلي ذلك : فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين معلمهم - جل جلاله - بذلك أن الموت والحياة بيده .
قيل : إن الأمر - وإن كان - كذلك ، فإنه لم ينه المريد دخول أرض بها الطاعون عن دخولها ، ولا الخارج من أرض هو بها عن الخروج منها ، حذارا على الداخل عليه من أن يصيبه بدخوله عليه غير ما كتب عليه ، وغير ما قد مضى به حكم الله فيه .
أو أن يهلك بهبوطه عليه قبل الأجل الذي مضى في سابق علم الله أن إذا جاء لم يستأخر عنه ساعة ، ولم يستقدم .
ولكن حذار الفتنة على الحي من أن يظن بأن من هبط أرضا هو به ، فهلك أنه إنما كان هلاكه من أجل هبوطه عليه ، وأن من خرج من أرض هو بها ، فنجا من الموت أن نجأه منه إنما كان من أجل خروجه عنه ؟ فنقول كما قال الذين عاب الله تعالى ذكره قولهم في الذين قتلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إذ قالوا : لو أطاعونا في الجلوس عن القتال ، ما قتلوا ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لكلا الفريقين الذين ذكرت في أمر الطاعون ما كره ، لما وصفت .
ونهيه ذلك - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نظير نهيه عن الدنو من المجذوم .
وقوله : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " .
مع إعلامه [ ص: 98 ] - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمته " ألا عدوى ولا صفر " .
وقد تقدم بيان ذلك كله قبل فيما مضى من كتابنا هذا .