الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              359 - حدثكم به ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبو حمزة ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن أبي مسعود ، قال : " لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ظننت أن صلاتي لم تتم " .  

              قيل له : أما الذي ذكرت قوله من المتأخرين ، فإنه لن يخلو أمره فيما قال من ذلك من أحد أمرين : إما أن يكون قال ذلك ، وهو عالم بالأخبار الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بخلاف ما قال ، وعارف بما مضى عليه [ ص: 230 ] السلف من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من الخالفين من تخطئتهم ما قال من ذلك ، وأن الأمة على تخطئتها ما قال بأجمعها مجمعون ، فاستقبل ذلك كله بالرد ، وتلقاه بالنكير ، واخترع لنفسه قولا لذلك كله مخالفا ; فإن يكن أمره في ذلك كذلك ، فلا يخفى سوء اختياره ما اختار من القول الذي ذكرت في ذلك إلا على جاهل بحكم الله ، وحكم رسوله فيه ، أو على مسلوب عقله ، قد رفع عنه القلم ، أو يكون قال ذلك ، وهو غير عالم بما ذكرت من أخبار رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وما مضى عليه السلف ، وأجمع عليه الخلف ، واستفاض به نقل الأمة في ذلك وراثة عن نبيها - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فذلك أعظم عليه في البلية ، وأجسم في المصيبة ; لأن من جهل مثل ذلك من أمر الدين لم تسعه الفتيا فيه ، ولا العمل فيما نابه في نفسه من أحكام أمر الله ، وأحكام رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إلا تقليدا لغيره من علماء الأمة ، واتباعا لبعض الأئمة على نحو ما يعمل في ذلك بعض العامة من فزعه فيما نابه من ذلك إلى بعض الخاصة ليعرفه الواجب عليه فيه ، فيعمل به .

              فإن قال لنا : فاذكر بعض ما حضرك من الأخبار الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعن أصحابه ، وغيرهم من الأئمة الماضين الذين ذكرت أن قائل المقالة التي ذكرناها لك خالفهم في ذلك ، لنعرف بذلك صحة ما قلت ؟ قيل : في إجماع علماء الأمصار على نكير ذلك كفاية كافية من ذكر غيره ، والاستشهاد على خطئه بشيء سواه ، ولكنا نذكر بعض ذلك احتسابا منا فيما عظمت غباوته ، واشتدت حيرته ، وكان مغفلة في دينه وما نابه فيه جهالته ، لعل الله أن ينقذه من هلكته!

              التالي السابق


              الخدمات العلمية