الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              628 - حدثنا سوار بن عبد الله ، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال: سمعت حميدا يحدث عن أنس بن مالك أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر، فقال: " تغيبت عن أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لئن رأيت قتالا ليرين الله ما أصنع.

              فلما كان يوم أحد، وهزم الناس، لقي سعد بن معاذ ، فقال: والله إني لأجد ريح الجنة! فتقدم، فقاتل حتى قتل ".

              فنزلت فيه هذه الآية: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .
               


              [ ص: 340 ] وقد قيل: إنه عنى بالنحب في هذا الموضع: الموت.

              وكأن من قال ذلك وجه معنى قوله: " فمنهم من قضى نحبه " إلى فمنهم من مات على التصديق والإيمان والوفاء لله بما عاهده عليه.

              ومن النحب بمعنى الموت: قول الشاعر:

              قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر

              يعني بقوله: قضى نحبه: فرغ من خروج نفسه.

              وللنحب - أيضا - معنى غير ذلك: وهو الخطر العظيم.

              ومنه قول جرير بن عطية:

              بطخفة جالدنا الملوك، وخيلنا     عشية بسطام، جرين على نحب)

              يعني بقوله: على نحب: على خطر عظيم.

              وقد كان بعضهم يقول: معناه على نذر.

              وأما التنحيب: فإن له معنيين: أحدهما: الخطار، ومنه قول الشاعر:

              وإذ نحبت كلب على الناس أيهم     أحق بتاج الماجد المتكرم

              والآخر: المد في السير.

              يقال منه: نحب فلان في سيره يومه أجمع: إذا مد فلم ينزل يومه وليلته، فهو ينحب فيه تنحيبا.

              التالي السابق


              الخدمات العلمية