وفي هذا الخبر أيضا، أعني خبر الذي ذكرناه قبل الدلالة على عمر مؤمنا كان ذلك الميت أو كافرا، وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى مشركي بدر أن يجعلوا في قليب، ولم يتركهم بالعراء مطرحين، بل أمر بجيفهم أن توارى في القليب. أن من الحق مواراة جيفة كل ميت من بني آدم عن أعين بني آدم، ما وجد إلى ذلك السبيل،
فإذ كان ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم بهم، فالحق على المسلمين أن يستنوا به صلى الله عليه وسلم، فيفعلوا في من أصابوا من المشركين في معركة الحرب بالقتل، وفي غير معركة الحرب مثل الذي فعل صلى الله عليه وسلم في قتلى مشركي بدر فيواروا جيفته، إذا لم يكن لهم مانع من ذلك، ولا شيء يشغلهم عنه من خوف كرة عدو أو غير ذلك.
وإذ كان ذلك سنته في مشركي أهل الحرب، وبذلك فالمشركون من أهل العهد والذمة إذا مات منهم ميت بحيث لا أحد من أوليائه وأهل ملته بحضرته يلي أمره، وحضره أهل الإسلام، أحق وأولى بأن تكون السنة فيهم سنته صلى الله عليه وسلم في مشركي بدر في أن يواروا جيفته ويدفنوه ولا يتركوه مطروحا بالعراء من الأرض، أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا في عمه أبي طالب إذ مات، فقال له: "اذهب فواره".