فإن قال لنا قائل: وما تنكر أن يكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ، إنه ليعلم ذلك، إذ كان معروفا من كلام العرب أن يقول القائل منهم لصاحبه: قد سمعت منك ما قلت، بمعنى: فهمت عنك ما قلت، واسمع مني ما أقول، بمعنى: افهم عني ما أقول؟ قيل له: إن ذلك لو وجهناه إلى المعنى الذي قلته لم يكن لمن خالف قولنا في أنهم يسمعون السماع المفهوم حجة، وذلك أنا إن قلنا: معنى ذلك أنهم يعلمون خفق نعالهم، لم يخل علمهم بذلك من أن يكون حدث لهم عن سماع منهم خفق نعالهم، أو عن خبر أخبروا به في قبورهم، وأي ذلك كان فإنه محقق قولنا في أن "إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين" الله تعالى ذكره يسمع من شاء من الأموات ما شاء من كلام الأحياء، ويعرف من شاء ما شاء من أخبارهم، وينعم من شاء منهم في قبره بما شاء، ويعذب من شاء منهم كيف شاء، له الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير.
[ ص: 522 ]