الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
375 - محمد بن إبراهيم بن سعيد بن موسى بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن البوشنجي .

ذكره أبو بكر الخلال في جملة الأصحاب. نقل عن إمامنا أشياء.

منها قال: سمعت أحمد يقول: تقربوا إلى الله تعالى ببغض أهل الإرجاء، فإنه من أوثق الأعمال إلينا.

وقال أيضا: سمعت أبا عبد الله يقول: أبو زيد اسمه قيس بن سكن بن زعورا . وقال أيضا: سمعته يقول: قال: محمد بن المنهال : ما كتبت "حدثنا" [ ص: 265 ] قط. قال: أبو عبد الله : لأنه كان ضريرا حافظا متقنا أمينا. وكان عنده ستة آلاف حديث عن زيد بن زريع .

ومات البوشنجي في جمادى الأولى سنة تسعين ومائتين يوم النيروز.

وقال البوشنجي وذكر أحمد بن حنبل عنده فقال: هو عندي أفضل من سفيان الثوري ؛ وذلك أن سفيان لم يمتحن في الشدة والبلوى بمثل ما امتحن به أحمد بن حنبل ، ولا علم سفيان ومن تقدم من فقهاء الأمصار كعلم أحمد لأنه كان أجمع للعلم، وأبصر بمتقنهم وغالطهم وصدوقهم وكذوبهم، ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أنه قال: قام أحمد مقام الأنبياء، وأحمد عندنا امتحن بالسراء والضراء، وتداوله أربعة خلفاء بعضهم بالضراء، وبعضهم بالسراء، فكان فيها مستعصما بالله - عز وجل - تداوله المأمون ، والمعتصم ، والواثق بعضهم بالضرب والحبس، وبعضهم بالإخافة والترهيب، فما كان في هذا الحال إلا سليم الدين، غير تارك له من أجل ضرب ولا حبس، ثم امتحن أيام المتوكل بالتكريم والتعظيم، وبسط الدنيا عليه، وإفاضتها عنده، فما ركن إليها، ولا انتقل من حاله الأولى؛ رغبة في الدنيا، ولا رغبة في الذكر، فهذه الحالات لم يمتحن بمثلها سفيان ، ولقد حكي عن المتوكل أنه قال: إن أحمد يمنعنا من بر ولده، فرحمة الله عليه في قصة طويلة ذكرها المتوكل .

وقال البوشنجي حضر يوما عند أحمد جماعة من أصحاب الحديث من إخوانه، فاشترى لهم بما كان عنده من النفقة، وأطعمهم وصبر على مقدار ربع سويق ثمانية عشر يوما بعسكر المتوكل مكتفيا بذلك، حتى أتته النفقة من بغداد لا يذوق من مائدة المتوكل شيئا.

التالي السابق


الخدمات العلمية