ومعلوم ما خص الله سبحانه هذا الوالد السعيد من النعم الدينية والرتب السامية العلية وكونه إمام وقته وفريد دهره وقريع عصره لا يعرف في شرق الأرض وغربها شخص يتقدم في علم مذهبه عليه أو يضاف في ذلك إليه .
هذا مع تقدمه في هذه البلدة على فقهاء زمانه بقراءته للقرآن بالقراءات العشر وكثرة سماعه للحديث وعلو إسناده في المرويات .
ولقد بجامع المنصور على كرسي عبد الله بن إمامنا أحمد رضي الله عنه وكان المبلغون عنه في حلقته والمستملون ثلاثة أحدهم : خالي حضر الناس مجلسه وهو يملي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة الجمعة أبو محمد جابر والثاني : أبو منصور بن الأنباري والثالث : أبو علي البرداني .
وأخبرني جماعة من الفقهاء ممن حضر الإملاء : أنهم سجدوا في حلقة الإملاء على ظهور الناس لكثرة الزحام في صلاة الجمعة في حلقة الإملاء .
وما رأى الناس في زمانهم مجلسا للحديث اجتمع فيه ذلك الجم الغفير والعدد الكثير .
وسمعت من يذكر : أنه حزر العدد بالألوف وذلك مع نباهة من حضر من الأعيان وأماثل هذا الزمان من النقباء وقاضي القضاة والشهود والفقهاء وكان [ ص: 201 ] يوما مشهودا والناس إذ ذاك يسمعون والكتبة يكتبون وبالنظر إليه يتبركون وبفضله يقرون ويشهدون .
وحضرت أنا أكثر أماليه بجامع المنصور .
وأجاز لي إجازة ولأخي أبي حازم حفظه الله سأله الإجازة لنا : خالنا أبو محمد بن جابر فأجاز لنا في مرضه لفظا .
حدثنا الوالد السعيد إملاء من لفظه وأصله يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع المنصور في التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربعمائة قال : حدثنا أبو الحسين بن أخي ميمي قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي أبو روح محمد بن زياد بن فروة البلدي قال : حدثنا عن أبو شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال : جرير بن عبد الله وقرأ : " كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال : إنكم سترون ربكم عز وجل عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
قال لنا الوالد السعيد : هذا الحديث صحيح أخرجه عن البخاري يوسف بن موسى عن عن عاصم بن يوسف اليربوعي وكأني سمعته من ابن شهاب البخاري .