الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واعلم أن الله سبحانه اصطفى رسلا من خلقه فبعثهم بالدعاء إليه والصبر على ما نالهم من جهلة خلقه وامتحنهم من المحن بصنوف من البلاء وضروب من المحن  واللأواء وكل ذلك تكريما لهم غير تذليل وتشريفا غير تخسير ولا تقليل .

وكان أرفع رسله عنده منزلة : أشدهم اجتهادا وأخذا في إمضاء أمره مع البلية بأهل دهره قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وقال تعالى : اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود وقال عز وجل له - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب وقال عز وجل : الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين [ ص: 213 ]

فلم يخل جل ثناؤه أحدا من مكرمي رسله وأنبيائه ومقربي أصفيائه وأوليائه من محنة في عاجلته دون آجلته يستوجب بصبره عليها ما أعد له من الدرجات التي قسم مصيره إليها وجعل سبحانه علماء الأمم الماضين خلفاء أنبيائهم المرسلين والقوام بما جاءوا به من الدين يرخصون عن أحكامه ويحامون عن حدوده وأعلامه يدفعون عنه كيد الشيطان ويحرسونه من الترك والنسيان لا يصدهم عن التمسك بالحق ولا يثنيهم عن التعطف على الخلق : سوء ما به ينالون توخيا لثواب الله الذي له يطلبون وفيه يرغبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية