فلنختم الآن أخبار الوالد السعيد : الذي من الله الكريم عليه بعلم الفقه وتعليمه وتدريسه وتصنيفه أفضل العلوم وأجزلها للثواب المقسوم وأولاها بصرف الفكر إليه ووقف الرأي الصائب عليه فإنه العروة الوثقى والحجة المثلى الدالة على طاعة الله جل ذكره وأداء مفترضاته والتمييز به بين محرماته ومحللاته والوقوف على حدوده ومعالمه وشروطه ومراسمه وإن ربحه الجنة وخسرانه النار .
روى رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنس بن مالك " العلماء أمناء الرسل على عباده ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا في الدنيا فإذا خالطوا السلطان ودخلوا في الدنيا فقد خانوا الرسل فاعتزلوهم واحذروهم . [ ص: 225 ]
وروى رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ابن عباس " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .
وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أفضل العبادة : الفقه قليل الفقه خير من كثير العبادة " .
وروى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أبو هريرة " ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه " .
وقال أبو هريرة : " لأن أجلس ساعة فأتفقه : أحب إلي من أن أحيي ليلة إلى الغداة " .
وروى علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الأنبياء قادة والعلماء سادة ومجالستهم عبادة " .
عن الجهاد فقال للسائل : " ألا أدلك على أفضل الجهاد ؟ قال : بلى قال : تبني مسجدا وتعلم فيه القرآن والفقه والسنة عبد الله بن عباس " . وسئل
قلت أنا : ولفضيلة الفقه دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفقه في الدين فقال : لعبد الله بن عباس فأجاب الله دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - فوفر فقهه وزكاه وثمره ونماه وجعله نورا يستضاء به وحجة باقية في عقبه . " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل "
فالحمد لله الذي أنعم علينا بأن وفقنا لاتباع الوالد السعيد في أصوله وفروعه وجنبنا مخالفته وجعلنا من ذريته وأهل محبته وشغلنا بعلومه وما أتعب نفسه في جمعه في ليله ونهاره وسفره وحضره وشبابه وكبره من اتباعه السنن الشرعية [ ص: 226 ] والشعائر الدينية الفارقة بين الأبرار والفجار والحاجزة بين الجنة والنار .