الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 435 ] باب قول الله عز وجل : قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون قول الله عز وجل : قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، وقوله : يخادعون الله وهو خادعهم ، وقوله : ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وما ورد في معاني هذه الآيات .

1015 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني الحسن بن حليم المروزي ، أنا أبو الموجه ، أنا عبدان ، أنا عبد الله يعني ابن المبارك ، أنا صفوان بن عمرو ، حدثني سليم بن عامر ، قال : خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلي على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة : يا أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر ، وهو هذا يشير إلى القبر بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ،  وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا ما وسع الله ، ثم تنقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض [ ص: 436 ] تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور ، فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه : أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ، يقول المنافق للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وهي خدعة الله التي خدع بها المنافق ، قال الله تبارك وتعالى : يخادعون الله وهو خادعهم فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم ، نصلي صلاتكم ونغزوا مغازيكم ؟ قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور تلا إلى قوله : وبئس المصير .

التالي السابق


الخدمات العلمية