235  - أخبرنا  أبو سعيد بن أبي عمرو  ، أنا  أبو العباس محمد بن يعقوب  ، ثنا  محمد بن الجهم  ، ثنا  يحيى بن زياد الفراء  ، في قوله عز وجل: وما كان له عليهم من سلطان   أي حجة يضلهم به إلا أنا سلطناه عليهم لنعلم من يؤمن بالآخرة قال: فإن قال قائل: إن الله خبرهم بتسليط إبليس وبغير تسليطه قلت: مثل هذا في القرآن كثير ، قال الله عز وجل: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين  وهو يعلم المجاهدين والصابرين بغير ابتلاء ففيه وجهان: "أحدهما" أن العرب تشترط للجاهل إذا كلمته شبه هذا شرطا تسنده إلى أنفسها وهي عالمة ، ومخرج الكلام كأنه لمن لا يعلم: من ذلك أن يقول القائل: النار تحرق الحطب ، فيقول الجاهل: بل الحطب يحرق النار فيقول العالم: سنأتي بحطب ونار لنعلم أيهما يأكل صاحبه ، أو قال: أيهما يحرق صاحبه ، وهو عالم فهذا وجه بين "والوجه الآخر" أن يقول: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم ، معناه حتى نعلم عندكم ، فكأن الفعل لهم في الأصل ومثله مما يدلك عليه قوله: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه  عندكم يا كفرة ، ولم يقل عندكم وذلك معناه ومثله: ذق إنك أنت العزيز الكريم  أي عند نفسك إذا كنت تقوله في دنياك ، ومثله قال الله لعيسى: أأنت قلت للناس  وهو يعلم ما يقول وما يجيبه ، فرد عليه عيسى ،  وعيسى  يعلم أن الله لا يحتاج إلى إجابته ، فكما صلح أن يسأل عما يعلم ويلتمس من عبده ونبيه الجواب ، فكذلك يشترط ما يعلم من فعل نفسه حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم، وحكى المزني  عن  الشافعي  رضي الله عنه في قوله تعالى: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول    [ ص: 311 ] يقول: إلا لنعلم أن قد علمتم من يتبع الرسول ، وعلم الله تعالى كان قبل اتباعهم وبعده سواء وقال غيره: إلا لنعلم من يتبع الرسول بوقوع الاتباع منه كما علمناه قبل ذلك أنه يتبعه. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					