الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
673 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنا دعلج بن أحمد بن دعلج ، ثنا أبو عبد الله البوشنجي ، عن سليمان بن عبد الرحمن ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، وعكرمة، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، رضي الله [ ص: 109 ] عنهما أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، تفلت هذا القرآن من صدري، فذكر الحديث بطوله، وذكر فيما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء حفظ القرآن:   "أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تستعمل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا قوة إلا [ ص: 110 ] بالله العلي العظيم" . وذكر الحديث، وهذا حديث تفرد به أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بهذا اللفظ، فإن كان لفظ "النور" محفوظا فيه فإنهم كانوا يقولون ذلك ويريدون به نفي النقص عنه لا غير. [ ص: 111 ] ثم قد حكى أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلي أبو نصر بن قتادة من كتابه عن ابن الأنباري عن ثعلب في قول الله عز وجل: الله نور السماوات والأرض يعني أنه حق أهل السماوات والأرض،  وهذا نظير قول العرب إذا سمعوا قول القائل: حقا: كلامك هذا عليه نور، أي هو حق". فيحتمل أن يكون قوله إن كان ثابتا: "أسألك بجلالك ونور وجهك" أي وحق وجهك،  والحق هو المتحقق كونه ووجوده، وكان الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم يقول في معنى النور: إنه الذي لا يخفى على أوليائه بالدليل، ويصح رؤيته بالأبصار، ويظهر لكل ذي لب بالعقل، فيكون قوله: "أسألك بجلالك ونور وجهك" راجعا في النور إلى أحد هذه المعاني والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية