الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

روي عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو هريرة وعاء العلم"  وعن محمد بن قيس بن مخرمة: أن رجلا جاء زيد بن ثابت فسأله [ ص: 540 ] عن شيء، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة فإنه بينما أنا، وأبو هريرة ، وفلان في المسجد ذات يوم ندعوا الله ونذكر ربنا، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا، قال فجلس وسكتنا، فقال: "عودوا للذي كنتم فيه" ، قال: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة رضي الله عنه، فقال: اللهم إني أسألك مثل الذي سألك صاحباي هذان وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمين" ، قلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علما لا ينسى، فقال: "سبقكما بها الدوسي" [ ص: 541 ] وعن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رجل لابن عمر: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عمر: أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجئ به؟ ولكنه اجترأ وجبنا.

وعن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه، جريئا على النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن أشياء لا نسأله عنها.

وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنه مر بأبي هريرة رضي الله عنه، وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من تبع جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط: أعظم من أحد ".

فقال ابن عمر: يا أبا هريرة ، انظر ما تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق إلى عائشة رضي الله عنها، فقال لها: يا أم المؤمنين، أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، وإن شهد دفنها فله قيراطان" .

فقالت: اللهم نعم، فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يشغلنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس، ولا صفق بالأسواق، وإنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها، أو أكلة يطعمنيها، فقال ابن عمر: يا أبا هريرة ، كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه
 
[ ص: 542 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية