الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

روي عن أبي بكر الهذلي ، قال: لما مات الحسن رأى سعيد الجريري ، فيما يرى النائم، مناديا ينادي من السماء: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين .

وإن الله اصطفى الحسن على أهل زمانه.

وقال الحسن: يقول الله عز وجل: "إذا علمت أن الغالب على عبدي التمسك بطاعتي مننت عليه بالاشتغال بي والانقطاع إلي.

وقال الحسن: لا تطيب لأحد الحياة إلا في الجنة.  

وقال المغيرة بن مخادش: يا أبا سعيد إنا نجالس أقواما يحدثونا أحاديث تكاد تطير عقولنا منها، فقال الحسن: أيها الرجل إنك إن تجالس أقواما يخوفونك حتى تلقى الله خير من أن تجالس أقواما يؤمنونك حتى تلقى الله خائفا.  

وقال أبو كعب صاحب الحرير: أردت سفرا، فأتيت الحسن ، فقلت له: أوصني فقال: أعز أمر الله حيث ما كنت يعزك،  ففعلت، فلم أزل عزيزا حتى رجعت.

وقال الحسن: إن الرجل ليعمل بالحسنة فتكون نورا في قلبه وقوة في بدنه، وإن الرجل ليعمل بالسيئة فتكون ظلمة في قلبه ووهنا في بدنه [ ص: 743 ] .

ودخل الحسن على عمرو بن الهيثم التميمي ، يعوده فجعل يقلب عينيه في جوانب البيت، فقال له الحسن: إني أراك تقلب عينيك، فقال: ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق لم تؤد منها زكاة ولم يوصل منها رحم؟ قال: ولم ذاك لله أبوك؟ قال: لروعة الزمان وجفوة السلطان ومكانزة العشيرة، فلما كان الغد دعى الحسن إلى جنازته فحضره فصلى عليه ثم تبعه إلى قبره فقال: انظروا إلى صاحب هذا القبر أنى أتاه شيطانه يحذره روعة زمانه وجفوة سلطانه عما استودعه الله إياه واسترعاه فيه، ثم خرج منه سليبا حزينا ذميما، فيا هذا الوارث إن هذا المال قد آتاك الله حلالا.

فلا يكونن عليك وبالا، آتاك ممن كان له جموعا منوعا من باطل جمعه وعن حق منعه، ركب به لجج البحار ومفاوز القفار، جمعه فأوعاه وشده فأوكاه، ألا إن أشد الناس حسرة يوم القيامة رجل آتاه الله مالا فبخل به عما أمره الله فيه، فورثه بعده وارث عمل فيه بطاعة الله فهو ينظر إلى كسبه في ميزان غيره، فيالها من توبة لا تنال وعثرة لا تقال.

وقال الحسن: لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم عز وجل في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا.

وقال الحسن: ذهبت المعارف وبقيت المناكر، ومن يعش من المسلمين فهو مغموم [ ص: 744 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية