باب السين
197 - ذكر سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي رضي الله عنه، كنيته أبو محمد
ولد لسنتين مضتا من خلافة رضي الله عنه، كان من سادات التابعين فقها ودينا وورعا وعلما وعبادة [ ص: 773 ] وفضلا. عمر
ويقال: هو ممن أصلح بين ، عثمان وعلي رضي الله عنهما، ما سمع الأذان في أهله ثلاثين سنة، وكان يحضر المسجد قبل الأذان، فلما بويع عبد الملك وبايع للوليد ، وسليمان من بعده وأخذ البيعة من الناس أبى ذلك ولم يبايعه، فقال له سعيد بن المسيب إنك تصلي بحيث يراك عبد الرحمن بن عبد القارئ: هشام بن إسماعيل ، فلو غيرت مقامك حتى لا يراك، وكان هشام واليا على المدينة لعبد الملك ، فقال سعيد: إني لم أكن أغير مقاما قمته منذ أربعين سنة قال: فتخرج معتمرا، فقال: لم أكن لأجهد بدني وأنفق مالي في شيء ليس فيه نية، قال: فتبايع إذن، فأبى أن يبايع، فكتب هشام بن إسماعيل إلى عبد الملك ، فكتب عبد الملك إليه: ما دعاك إلى ، ما كان علينا منه شيء نكرهه، فإما إذ فعلت فادعه، فإن بايع وإلا فاضربه ثلاثين سوطا وأوقفه للناس. سعيد بن المسيب
فدعاه هشام فأبى، وقال: لست أبايع لاثنين فضربه ثلاثين سوطا وأمر فطيف به حتى بلغوا به الحناطين ثم رده، وأمر به إلى السجن [ ص: 774 ] وألبسوه ثوبا من شعر، أو قال: ثيابا من شعر، فقال سعيد: لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته، قلت: أستر عورتي عند الموت.
قال برد: وسعيد في المسجد. ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا
وقال سعيد: ما دخل علي وقت الصلاة إلا وقد أخذت أهبتها وأنا إليها مشتاق.
وقال سعيد: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في أقفية الناس منذ خمسين سنة، يعني في صلاة الجماعة.
وقال عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه، قال: صلى سعيد الصبح بوضوء العتمة خمسين سنة.
وقال سمعت ابن حرملة: سعيدا ، يقول: لقد حججت أربعين حجة.
وقال عمران بن طلحة الخزاعي: إن نفس سعيد كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذبابة.
وقال سعيد: الله [ ص: 775 ] . ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت العباد أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية
وكان يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم.
وعن ، قيل علي بن زيد بن جدعان لسعيد: ما بال الحجاج لا يبعث إليك ولا يهيجك ولا يؤذيك؟ قال: والله ما أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتمم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفا من حصباء فحصبته بها، قال الحجاج: فمازلت أحسن الصلاة.