207 - ذكر شميط بن عجلان تابعي بصري رحمه الله
كان يقول في قصصه: أتاهم من الله أمر وقزهم عن الباطل، فأسهروا العيون وأجاعوا البطون، وأظمؤوا الأكباد وأنصبوا الأبدان، واهتضموا الطارف والتالد فأكلوا على تنغص، وناموا على خوف وقاموا على وقار، هم والله أكياس أكلوا طيب رزق الله، وعاشوا في فضل نعيم الآخرة.
وقال في وصف المائل إلى الدنيا: دائم البطنة، قليل الفطنة، همه بطنه وفرجه، يقول: متى أصبح فآكل وأشرب وألهو وألعب، ومتى أمسي فأنام، جيفة بالليل بطال بالنهار، يطلب لأولاده السمن بالعسل ثم يخرجهم على أيتام المساكين فيذهب الصبي إلى أمه يجاذبها خمارها يقول أعطني سمنا وعسلا، فتقول له أمه إنه كثير لك مني حيث أصبت لك الخبز والملح، فإذا أحدث الله نعمة أحدث رياء وسمعة فعلق من بين أصفر وأخضر وأحمر، ثم قال للناس: تعالوا وانظروا فيقول المؤمنون: إن يكن من حلال فقد أسرفت، [ ص: 815 ] وإن يكن من حرام فثكلتك أمك.
ويقول المنافقون: يا ليت لنا مثل هذا، ما أكثر وأطيب، ذروهم عباد الله وما اختاروا لأنفسهم من فلوذجهم وذوذجهم، فكل يوما بقلا ويوما خلا ويوما ملحا والموعد الله عز وجل.
فإن أولياء الله آثروا رضا الله على هوى أنفسهم فأرغموا أنفسهم كثيرا لرضا ربهم فأفلحوا وأنجحوا.
وصوموا عن الدنيا واجعلوا غاية إفطاركم في الدنيا الموت، وبادروا بالصحة السقم، وبالفراغ الشغل، وبالحياة الموت، فإنما الدنيا غداء وعشاء، فإن أخرت غداءك إلى عشاءك أمسى ديوانك في ديوان الصائمين.
وعن ، قال: دعا بعض الأمراء محمد بن عبد الله الأزدي شميطا إلى طعامه فاعتل عليه ولم يأته، فقيل له في ذلك، فقال: فقد أكلة أيسر علي من بذل ديني لهم، ما ينبغي أن يكون بطن المؤمن أعز عليه من دينه.
ورأس مال المؤمن دينه، حيثما زال زال معه دينه.
وقال: إن الدينار والدرهم أزمة الشيطان، بهما يقود المنافقين إلى السوءات [ ص: 816 ] .