فصل
روي عن قال: قال أبي: أوحى الله تعالى إلى عبيد الله بن شميط داود عليه السلام ألا ترى إلى المنافق كيف يخادعني وأنا أخدعه يسبحني بطرف لسانه وقلبه بعيد مني، يا داود قل للملإ من بني إسرائيل ألا يدعوني والخطايا بين أضبانهم ليلقوها ثم يدعوني أستجب لهم.
قال الإمام رحمه الله: الضبن ما بين الإبط والكشح، والجمع أضبان.
وقال شميط: علامة المنافق قلة ذكر الله.
وقال شميط: فزالت عنه العاجلة وشقي بالعاقبة. يا ابن بئس العبد عبد خلق للعبادة فصدته الشهوات عن العبادة، بئس العبد عبد خلق للعاقبة فصدته العاجلة عن العاقبة، آدم كل يوم ينقص من أجلك وأنت لا تحزن، وكل يوم تستوفي من رزقك، أعطيت ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، كيف لا يستبين للعالم جهله وقد عجز عن شكر ما هو فيه، وهو مغتر في طلب الزيادة، أم كيف يعمل للآخرة، ولا تنقضي من الدنيا شهوته، ولا تنقضي فيها رغبته، فالعجب كل العجب للمصدق بدار الحق وهو يسعى لدار الغرور.
وكان يقول: يا ابن آدم إنك ما دمت ساكتا فأنت سالم، فإذا تكلمت فخذ حذرك [ ص: 817 ] .
وقال: من جعل الموت نصب عينيه، لم يبال بضيق الدنيا ولا بسعتها.
وقال: عجبا لابن آدم بينما قلبه في الآخرة إذا حكة برغوث أو قملة فنسي الآخرة.
وقال: إن الله تعالى وسم الدنيا بالوحشة ليكون أنس المنقطعين إليه.
وقال: رجلان معذبان في الدنيا: رجل أعطي الدنيا فهو متعب فيها مشغول بها، وفقير زويت عنه الدنيا فنفسه تتقطع عليها حسرات.
وقال: ورجل ابتكر عمره بالذنوب وطول الغفلة ثم راجع بالتوبة فهذا صاحب يمين، ورجل ابتكر الشر في حداثته ثم لم يزل فيه حتى خرج من الدنيا، فهذا صاحب الشمال [ ص: 818 ] . الناس ثلاثة: فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهذا المقرب،