228 - ذكر عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي رحمة الله عليه
هو أخو عبيد الله بن عبد الله رضي الله عنه، من عباد أهل الكوفة وقرائهم، يعد من التابعين، يروي عن رضي الله عنه. أبي هريرة
قال عون بن عبد الله: إن لكل رجل سيدا من عمله، وإن سيد عملي الذكر.
وقال: ذكر الله صقال القلوب.
وقال: [ ص: 860 ] . ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل في المدبرين
وفي رواية عنه: ذاكر الله في غفلة الناس كمثل الفئة المنهزمة يحميها الرجل، لولا ذلك الرجل هزمت الفئة، ولولا من يذكر الله في غفلة الناس هلك الناس.
وفي رواية عنه لو يأتي على الناس ساعة لا يذكر الله فيها، لهلك من في الأرض جميعا.
وقال كانوا يتلاقون فيتساءلون، وما يريدون بذلك إلا أن يحمدوا الله عز وجل. عون بن عبد الله:
وقال عون: إن الجبل لينادي الجبل باسمه: يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله تعالى، فيقول: نعم، فيستبشر به، ثم قال عون: هن للخير أسمع، أفيسمعن الزور والباطل ولا يسمعن غيره، ثم قرأ: لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا .
وقال وصل إلى أبو أسامة: أكثر من عشرين ألف درهم، يعني فأنفقها وتصدق بها، فقال له لو اعتقدت عقدة [ ص: 861 ] لولدك فقال: اعتقدها لنفسي واعتقد الله لولدي. عون بن عبد الله
وقال فلم يكن في المسعودين أحسن حالا من ولد أبو أسامة: عون بن عبد الله.
وفي رواية: قيل: تتصدق بضيعتك وتدع عيالك، قال أقدم هذه لنفسي وأدع الله لعيالي.
وقال كنت أجالس الأغنياء فكنت من أكثر الناس هما وأكثرهم غما، أرى مركبا خيرا من مركبي، وثوبا خيرا من ثوبي فأهتم، عون بن عبد الله: فجالست الفقراء فاسترحت.
وكان يقول: إن من العصمة أن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده.
وقال كان يقال: عون بن عبد الله: وكان يضرب مثل ذلك كالسراج بين أظهر القوم، يستصبح الناس منه، ويقول أهل البيت: إنما هو معنا فلم يفجأهم إلا وقد طفئ السراج. أزهد الناس في عالم أهله،
وقال اليوم المضمار وغدا السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، فبالعفو تنجون، وبالرحمة تدخلون الجنة، وبالأعمال تقتسمون المنازل [ ص: 862 ] . عون بن عبد الله:
وقال كان أبو هارون: يحدثنا ولحيته ترتش بالدموع. عون بن عبد الله
وقال: ما أحسب أحدا تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه.
وقال: ما أقبح السيئات بعد السيئات، وأحسن الحسنات بعد السيئات، وأحسن من ذلك الحسنات بعد الحسنات.
وقال عون بن عبد الله: فكم من منعم عليه غير شاكر؟ وكم من مبتلى غير صابر؟ . الخير الذي لا شر فيه الشكر مع العافية،
وقال كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث: من عون بن عبد الله: ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس. عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه،
وقال عون بن عبد الله: واعلم أن النقص فيما قد علمت، ترك ابتغاء الزيادة فيه، فإنه يحمل الرجل على ترك ابتغاء العلم قلة الانتفاع بما قد علم [ ص: 863 ] . إن من كمال التقوى أن تبتغي إلى ما قد علمت منها علم ما لم تعلم،
وقال عون: كان أخوان في بني إسرائيل، فقال أحدهما لصاحبه: ما أخوف عمل عملته عندك؟ فقال: ما عملت عملا أخوف عندي من أني مررت بين قراحي سنبل فأخذت من أحدهما سنبلة، ثم ندمت فأردت أن ألقيها في القراح الذي أخذتها منه، فلم أدر أي القراحين هو، فطرحتها في أحدهما، فأخاف أن أكون قد طرحتها في القراح الذي لم آخذها منه، فما أخوف عمل عملته أنت عندك؟ قال: إن أخوف عمل عملته عندي، إذا قمت في الصلاة أخاف أن أكون أحمل على إحدى رجلي فوق ما أحمل على الأخرى، وأبوهما يسمع كلامهما، فقال: اللهم إن كانا صادقين فاقبضهما إليك قبل أن يفتتنا فماتا، قال: فما ندري أي هؤلاء أفضل.
قال يزيد بن هارون: أيهما أفضل؟ الأب أرى أفضل.
وقال رأينا عون بن عبد الله: صدأ القلوب إنما يكون من كثرة الذنوب.
ورأينا جلاءها إنما يكون من قبل التوبة، حتى تدع القلوب كالسيف النقي المرهف.
وقال عون: ويقولون: اشرب هذا فإن لك في عاقبته خيرا [ ص: 864 ] . إن الله ليكره عبدا على البلاء، كما يكره أهل المريض المريض على الدواء،