الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
514 - ذكر أبي نصر المدني المبتلى رضي الله عنه

أخبرنا أبو بكر الطريثيثي ، أخبرنا هبة الله الطبري ، أخبرنا محمد بن عمر بن حميد ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا العباس بن محمد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبي، عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، قال: " أجدبت المدينة، واشتد حال أهلها، وتكشف قوم مستورون، وخرجوا يدعون، فمررت يوما بسوق الطعام وما فيه حبة حنطة ولا شعير فإذا أبو نصر جالس منكس رأسه، فقلت له: يا أبا نصر ، أما ترى ما فيه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قلت: أفلا تدعو الله لعله يفرج ما هم فيه؟ قال: بلى، وحول وجهه إلى القبلة وقال: اجلس عن يميني، قال: فجلست، فانكب فعفر وجهه في التراب، ثم رفع رأسه، فقال: يا فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل على محمد وعلى آل محمد، فرج ما أصبح فيه أهل حرم نبيك، عليه السلام، ثم غاب فذهب، فقمت من عنده، فوالله ما برحت من السوق، حتى رأيت الشمس قد تغطت، فرفعت رأسي، فإذا رجل جراد أرى سوادهن في الهواء، فما زلن يسقطن وأنا واقف أنظر حتى ملأت المدينة، فاستغنى كل قوم [ ص: 1253 ] بما في دارهم من جراد محشو الأجواف، فطبخوا، وملحوا، وقلي من قدر على الزيت وملأ الناس الحباب والجراد والقواصر، وألقوه في جوانب بيوتهم، ثم نهض بعد ثلاث فانتشر في عراض المدينة لم يخرج منها إلى غيرها، فما مرت بنا ثلاث حتى جاءت عشر سفائن دخلت الجار، فإذا هي دخلت في الوقت الذي دعا فيه أبو نصر فرجع السعر إلى أرخص ما كان ورجع حال الناس إلى أحسن ما كانت.

قال: فأتيت أبا نصر وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا نصر أما ترى إلى بركة دعائك؟ فقال: لا إله إلا الله، هذه رحمة الله وسعت كل شيء ".  

التالي السابق


الخدمات العلمية