الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
533 - ذكر أبي هارون العبدي رضي الله عنه

أخبرنا سليمان بن إبراهيم في كتابه، أخبرنا علي بن ماشاذة في كتابه، حدثنا أبو أحمد الغساني ، حدثنا محمد بن العباس بن أيوب ، حدثنا إسحاق بن الصيف ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: عرج بروح امرأة بالبصرة ، فمكثت سبعة أيام ثم أفاقت فقيل: ماذا رأيت؟ قالت: " رأيت أهل الجنة يستبشرون ويقولون: لبسنا ثوبين ثوبين بقدوم روح أبي هارون العبدي علينا ".

قال: وحدثنا أبو أحمد ، حدثني محمد بن جعفر الأشعري ، قال: حدثنا سلمة بن شبيب ، قال: سمعت أبا حماد الحفار ، وكان ثقة ورعا، قال: "دخلت يوم الجمعة المقبرة نصف النهار فما مررت بقبر إلا سمعت منه قراءة القرآن" .

قال: وحدثنا أبو أحمد ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا علي بن خشرم ، قال: سمعت أبا المعتمر الأعرابي ، قال: " سكنت البصرة وكان لي بها جار ، [ ص: 1272 ] فخرج إلى مكة مع أصحاب له، فلما كان ببعض البادية بركت ناقته، فجعل يعالجها فقال لأصحابه: تقدموا.

فلما تقدموا إذا هو برجل قد تمثل له، قال: أنا عقلت ناقتك، قال: لم؟ قال: لحاجة لي إليك، إن قضيتها أطلقت ناقتك، قال: وما هي؟ قال: جارك فلان بالبصرة له ديك أفرق إذا قدمت فسله أن يهبه لك فتذبحه قبل أن تنزل عن راحلتك.

قال: أفعل، فأطلق ناقته، فحج ثم رجع فلما صار بذلك المكان بركت ناقته فقال لأصحابه: انطلقوا حتى أعالجها، فلما مضى إذا هو بصاحبه، قال: أنت على ما قلت؟ قال الرجل: نعم.

قال: بم أعتصم منكم؟ قال: يقول العبد ما شاء الله لا قوة إلا بالله قال: فقدم الرجل وتلقاه الجيران، فتلقاه جاره فيمن تلقاه، قال: يا فلان ديكك الأفرق تهبه لي أذبحه قبل أن أنزل عن راحلتي، قال: قد هيأت لك من الخراف والهدايا كذا وكذا، قال: ديكك أريد، فأخرج الديك فذبحه قبل أن ينزل، فلما أن أسحر إذا هو بالواعية، قال: مالهم، قالوا: فلان جارك انتسفت ابنته البارحة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون أنا صاحبها، فلما كان في قابل حج، فلما انتهى إلى ذلك الموضع، قفا الأثر الذي رأى الجني أقبل منه، قال: فانتهى إلى موضعه، فإذا هو بالجارية وقد كان رآها في صغرها، قال: فلانة؟ قالت: فلانة، قال: فما حالك؟ قالت: عارية كما تراني، جائعة ذاهبة اللون، قال: قد أراك.

ما قصتك؟ قالت: هذا مارد من المردة انتسفني ليلة [ ص: 1273 ] قدمت، قال: قلت: فأين هو؟ قالت: هو ممن يسترق السمع، قال: فكم يغيب؟ قالت: اليوم واليومين، قال: فمتى يغيب أيضا؟ قالت: أراه في وقت رجوعك، فلما رجع قفا الأثر فرآها فسألها عنه، فقالت: قد خرج يسترق السمع، قال: فألقى عليها ثوبه وجاء بها إلى أصحابه وأفشى لأصحابه قصتها فلم يلبث إذا هو بالجني قد أقبل فلما نظر إليه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله وسل سيفه، قال الجني: أفعلتها؟ قال: قال: نعم، لأنك غدرت بي، فجعل يسايره لا يصل إلى أخذها حتى قدم بها على أهلها ".

التالي السابق


الخدمات العلمية