فأما قول من قال إن الآية الثانية ناسخة للأولى وإن كان يحتمل ذلك فالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على غير ذلك.
334 - كما قرئ على علي بن سعيد بن بشير ، عن ، قال: حدثنا عمرو بن رافع هشيم ، قال: أخبرنا منصور ، عن الحسن ، عن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن، رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عبادة بن الصامت "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" فتبين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل الله لهن سبيلا أن الآية لم تنسخ قبل هذا .
قال وهذا الحديث أصل من أصول الفقه وإن كان قد تؤول فيه شيء سنذكره في موضعه. أبو جعفر:
335 - ومما يدل أيضا على ما قلنا إن أحمد بن محمد الأزدي حدثنا، قال: [ ص: 166 ] حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا ، ، قالا: حدثنا وابن أبي مريم محمد بن يوسف ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا قيس بن الربيع مسلم عن عن مجاهد في ابن عباس واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت قال: "فكانت المرأة إذا زنت حبست ماتت أو عاشت حتى نزلت في سورة النور الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ونزلت سورة الحدود فكان من عمل سوءا جلد وأرسل" . قوله تعالى:
قال ودل هذا على أن أبو جعفر: لم يكن يقول بنفي الزاني فأما القول الثاني الذي اختاره ابن عباس ففيه شيء وذلك أنه جعل [ ص: 167 ] محمد بن جرير واللذان يأتيانها منكم للرجل والمرأة وهذا إنما يجوز في العربية على مجاز ولا يحمل الشيء على مجاز ومعناه صحيح في الحقيقة والذي عارض به من قوله إن العرب لا توعد اثنين إلا أن يكونا شخصين مختلفين فهذا إن صح فهما شخصان مختلفان لأنه إذا كان واللذان للرجلين الثيبين والبكرين فهما مختلفان ومعارضته أنه لو كان هكذا لوجب أن يكون والذين لا يلزم لأن العرب تحمل على اللفظ وعلى المعنى كما قال جل وعز وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ومثل هذا كثير والقول الذي اخترناه هو قول ابن عباس.
336 - حدثنا قال: كما حدثنا أبو جعفر ، قال: حدثنا بكر بن سهل عبد الله بن صالح ، قال حدثني ، عن معاوية بن صالح ، علي بن أبي طلحة عن ، قال: " وقوله جل وعز ابن عباس واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم وكانت المرأة إذا زنت تحبس في البيت حتى تموت ثم أنزل الله جل وعز بعد ذلك الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فإن كانا محصنين رجما فهذا السبيل الذي جعله الله جل وعز لهما " قال وقوله: واللذان يأتيانها منكم فآذوهما الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة [ ص: 168 ] كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب النعال فأنزل الله عز وجل بعد هذا . فإن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال هذا نص كلام أبو جعفر: فتبين أن قوله جل وعز ابن عباس واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم عام لكل من زنى من النساء وأن قوله تعالى: واللذان يأتيانها منكم عام لكل من زنى من الرجال ونسخ الله جل وعز الآيتين في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بحديث عبادة الذي ذكرناه [ ص: 169 ] فمر بعض العلماء على استعمال حديث عبادة وأنه يجب على الزاني والزانية البكرين جلد مائة وتغريب عام وأنه يجب على الثيبين جلد مائة والرجم هذا قول رضي الله عنه لا اختلاف عنه في ذلك أنه جلد علي بن أبي طالب شراحة مائة ورجمها بعد ذلك وقال: 337 - [ ص: 170 ] وقال بهذا القول من الفقهاء جلدتها بكتاب الله سبحانه ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن صالح بن حي وهو قول الحسن بن أبي الحسن ، والحجة فيه قول الله تعالى: وإسحاق بن راهويه الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فثبت الجلد بالقرآن والرجم بالسنة ومع هذا فقول الرسول صلى الله عليه وسلم والثيب بالثيب جلد مائة والرجم وهذا يروى عن [ ص: 171 ] وقال جماعة من العلماء بل على الثيب الرجم بلا جلد عمر وهو قول ، الزهري ، والنخعي ، ومالك والثوري ، ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي، والشافعي وأحمد ، وأبي ثور
[ ص: 172 ]