ويشكل من هذا الحديث ثلاثة مواضع: قوله الخامة ، الأرزة بفتح الهمزة والراء التي تليها ساكنة على ما رواه ، وقوله: المجذية الميم مضمومة ، والجيم ساكنة ، وتحت الياء نقطتان . فأما الأرزة: فذكر أنها هي الآرزة على وزن الفاعلة ، قال: وهي الثابتة في الأرض ، وقد أرزت تأرز ، قال أبو عبيد : والأرزة: غير ما قال أبو عبيد أبو عبيدة ، إنما هي الأرزة -بتسكين الراء وفتح الهمزة- وهو شجر معروف بالشام ، وقد رأيته يقال له الأرز ، واحدتها أرزة ، وهو الذي يسمى بالعراق الصنوبر . ولا يحمل شيئا ، وإنما الصنوبر ثمر الأرز . وقرأت في كتاب أبي حنيفة الدينوري: الأرز ذكر الصنوبر ولا يحمل شيئا ، وإنما الحمل للأنثى . وقال أبو عمرو: وهي الأرزة مفتوحة الراء من شجر [ ص: 346 ] الأرزن ، قال: والانجعاف الانقلاع ، ومنه قيل: جعفت به الأرض إذا صرعته ، فضربت به الأرض ، والخامة: الغضة الرطبة ، قال الشاعر :
إنما نحن مثل خامة زرع فمتى يأن يأت محتصده
قوله خامة ، روي في حديث آخر عن : أبي هريرة بالفاء ، قال: والخافت: هو الذي قد لان ومات ، ومنه قيل للميت: خفت ، إذا انقطع كلامه وسكن ، وهذا أورده "مثل المؤمن مثل خافت الزرع " في آخر الكتاب ، قال: وهذا [ ص: 347 ] مثل قوله: مثل الخامة من الزرع . وقال بعضهم: يروى من حديث أبو عبيد : "مثل خافه الزرع " بالهاء ، ولا أدري ما هو ؟ ومن روى خافتة فهو مثل خافت ، وهو صحيح . قال أبي هريرة : والمعنى فيما نرى أنه شبه المؤمن بالخامة التي تميلها الرياح ، والكافر لا يرزأ شيئا ، وإن رزئ لم يؤجر عليه حتى يموت ، فشبه موته بانجعاف تلك ، حتى يلقى الله تعالى بذنوبه . أبو عبيد
والمجذية: الثابتة ، والمنتصبة في الأرض ، وهما لغتان: جذى يجذو ، وأجذت تجذي ، وابن الأعرابي ينكر جذا . قال الراعي:
وصناجة تجذو على أصل منسم
وأما الحديث الآخر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم يتجاذون مهراسا . فقال: أتحسبون الشدة في حمل [ ص: 348 ] الحجارة ؟ وإنما الشدة أن يمتلئ أحدكم غيظا ثم يغلبه " .
وحدثنا ابن أخي أبي زرعة ، حدثنا عمي ، حدثنا ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن ابن عيينة داود بن سابور ، قال: " مجاهد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوم يجذون حجرا ، فقال: ما هذا ؟ قالوا: حجر الأشداء! فقال: ألا أخبركم بأشد من هذا ؟ الذي يكون بينه وبين أخيه شيء ، فيغلب شيطانه فيأتيه فيكلمه " . ومن لا يضبط يرويه: يتجاذبون حجرا ، بزيادة باء ، والصحيح يتجاذون ، بلا باء ، يقال: جذى فلان حجرا إذا رفعه ، والأصل في الجاذي أنه المقعي على الشيء منتصب القدمين ، وهكذا كانوا يرفعون الحجر ، وكل ثابت على شيء فقد جذا عليه . وأنشدنا عن أبو عبد الله بن عرفة قال أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي:
[ ص: 349 ]
لقد طال ما جربتني فوجدتني على مرقب السوء المزلة جاذيا
قال ابن الأعرابي: أي ثابتا قائما . قال: والجثو ، لا يكون إلا على الركبتين . والجذو قد يكون لكل شيء لزم شيئا .
وقال ثعلب: ولا يعرف ابن الأعرابي مجذي ، ولا جذى فلان حجرا ، وهو أجذى ، زعم .