أقمت بعضب ذي سفاسق ميله
وأما الشقاشق بالشين المعجمة فواحدها شقشقة ، وهي [ ص: 383 ] ما يخرجه البعير من فيه ، إذا هاج وهدر ، وقال الشاعر :
أقطع من شقشقة الهادر
وسمي الرجال الخطباء شقاشق من هذا ، وفي كلام لفاطمة رضي الله عنها: ونطق زعيم الدين وخرس شقاشق الشيطان ، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم خاف عليها لسانه لكان هذا مستقيما وإن كان خاف عليها عصاه وضربه فهو سفاسق ، وقد قال في الحديث الذي رويناه أنه يعني العصا ، وفي حديث آخر "أن أبا الجهم لا يرفع عصاه عن أهله " .
ومن الألفاظ التي تشكل ويدخل بعضها في بعض قولهم: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسن بن علي رضي الله عنهما" حدثني علي بن سعدان بن نصر ، حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن [ ص: 384 ] أبي سلمة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسن بن علي ، فإذا رأى الصبي حمرة اللسان بهش إليه " . قوله يدلع لسانه الياء مضمومة واللام مكسورة ، يقال أدلع لسانه ، ودلع لسانه ، وبهش إليه: أي نظر إليه وأعجبه ، واشتهاه ، فتناوله [بسرعة ] وأسرع إليه .
وفي حديث آخر يشكل كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصلي حتى تزلع قدماه " بالزاي المنقوطة ، يقال تزلعت رجله إذا تشققت ، والتزلع: الشقاق ، وأنشدنا الأخفش:
[ ص: 385 ]
ثعالب موتى جلدها قد تزلعا
وأما الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا حتى خلت أن أنفه يتمزع " رووه بالزاي المعجمة ، والعين غير معجمة ، فقال أبو عبيد: إن قولهم يتمزع ليس بشيء ، وأحسبه: يترمع ، الراء والعين [ ص: 386 ] غير معجمتين ، وهو أن تراه [كأنه ] يرعد من شدة الغضب .


