[ ص: 169 ] وقد روي أيضا تختفوا بالخاء معجمة ساكنة أي تقتلعونه من الأرض يقال: اختفيت الشيء أي أخرجته من الأرض ، ومنه سمي النباش: المختفي ، وكذلك: خفيت الشيء وأنشد :
خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشي محلب
قال وسألت أبو عبيد: أبا عمرو فلم يعرف تختفئوا ، وسألت أبا عبيدة فلم يعرفها ، ثم بلغني أنه قال: من الحفأ مهموز مقصور ، وهو أصل البردي الرطب ، يقول: ما لم تقتلعوا هذا فتأكلوه . وأنكر أبو سعيد المكفوف هذا فيما رده على ، وقال: هذا محال من الكلام ، أين البردي في أرض العرب ، أوكل من يلجأ إلى الميتة يقدر على البردي ؟! وأنكر أيضا تجتفئوا –بالجيم- قال: أين الاجتفاء ؟ إنما هو: كبك الإناء ، وليس لهذا معنى في الحديث . وقال: [ ص: 170 ] أبي عبيد حدثني أبو عبيد: ، أنه سأل أعرابيا فقال: فلعلها تجتفئوا –بالجيم- يعني: أن يقتلع الشيء ثم يرمى به ، ويقال: جفأت الرجل إذا صرعته وضربت به الأرض ، قال الهيثم بن عدي أبو سعيد المكفوف: والصواب عندنا تحتفوا بالحاء غير المعجمة وخفيفة الفاء ، قال: وكذلك كل شيء يستأصل أصله يقال: احتفيت شعري ، قال: والاحتفاء أخذه عن وجه الأرض بأطراف الأصابع . قلت أنا: الرواية بالحاء غير المعجمة قليل ، وهي بالخاء أكثر .
ومثل هذا الحديث مما يشكل ويتنازع فيه: قوله صلى الله عليه وسلم في إتيان الغائط: "اتقوا الملاعن وأعدوا النبل" قال [ ص: 171 ] روي هذا بضم النون وفتح الباء ، [يقال ]: نبلني أحجارا ، أي أعطنيها ، ونبلني عرقا ، أي أعطنيه . لم يعرف الأصمعي: منه إلا هذا . وقال الأصمعي ابن الأعرابي: نبلت الرجل وأنبلته إذا ناولته النبل . قال: وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم "كنت أنبل عمومتي" أي أناولهم النبل . وقال محمد بن الحسن الشيباني صاحب رحمة الله عليهما: النبل حجارة الاستنجاء . وقال: أبي حنيفة وأصحاب الحديث يقولون وأعدوا النبل بفتح النون والباء ونراها سميت نبلا لصغرها وهو من الأضداد ، قلت أنا: النبل يقال: للرفيع من الأشياء ، ويقال أيضا للدون منها . وأنشدني أبو عبيد أبو عبد الله المفجع ، أنشدنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي:
أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذودا شصائصا نبلا
وقال ابن قتيبة: النبل بضم النون وفتح الباء ، وإنما يقال [ ص: 172 ] لها نبلة إذا تناولتها وأخذتها ، وأنبلت فلانا ونبلته إذا أعطيته إياها ، واستشهد بقول لبيد:
كأن أم النبل
وسمعت أبي يحكي عن أحمد بن غياث العسكري وكان عالما باللغة والشعر أنه قال: صحف القتيبي في هذا البيت . وإنما هو (كأرآم التبل) . بتاء فوقها نقطتان ، وهو اسم موضع .
[ ص: 173 ] وهكذا قرأت على أبي بكر بن دريد في شعر لبيد ، وذكره عن ، عن أبي حاتم ابن قردد الراوية .