[ ص: 177 ] فأخبرني الحسن بن علي ، حدثنا نصر بن داود ، عن قال هو مثل قوله صلى الله عليه وسلم في أبي عبيد قال النهي عن مهر البغي . ولم أسمع هذا الحرف إلا في هذا الحديث ، ولا أدري من أي شيء أخذ . ورواه أبو عبيد ابن قتيبة الرمازة بالراء في أولها والزاي في آخرها على أنها المغنية . ثم قال: وقد قال قوم: زمارة ، واستشهد ببيت لشاعر كان محبوسا:
ولي مسمعان وزمارة وظل مديد وحصن أمق
قال: فالزمارة في البيت الغل سماها زمارة تشبيها بالساجور ، لأنها في العنق .
وأما أبو بكر بن الأنباري فحدثنا عن أحمد بن الهيثم البزاز [ ص: 178 ] حدثنا خالد بن يزيد المقرئ ، حدثنا ، عن حماد بن زيد هشام ، عن ابن سيرين عن عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن كسب الزمارة" . أبي هريرة قال أبو بكر: والذي رواه ابن قتيبة الرمازة بالراء قبل الزاي خطأ ، والاختيار عندي الزمارة بالزاي المعجمة على ما قال لحجج ثلاث: إحداها: أن أصحاب الحديث أجمعوا عليها ولم يعرفوا الراء . والثانية: أن الزمارة الفاجرة لأنها تحسن نفسها وكلامها ، والزمر عند العرب أبو عبيد الحسن قال ابن أحمر:
دنان حنانان بينهما رجل أجش غناؤه زمر
قال ابن الأعرابي: الزمر الحسن ، قال: ومن هذا قيل للفاجرة: زمارة لأنها تزمر نفسها تحسنها . وقال الأصمعي في قوله غناؤه زمر أي غناؤه حسن ، كأنه من مزامير آل داود .
والحجة الثالثة: أنها سميت زمارة لمهانتها وقلة ما فيها من الخير ، من قولهم زمر المروءة . وقال الخليل: الرمازة بتقديم الراء خطأ في هذا الموضع ، وإنما الرمازة في حديث آخر ، ومعناه مأخوذ من الرمز ، وهي التي تومئ بعينها ، ثم قال: وأي كسب لها ههنا ينهى عنه ، فلا وجه للحرف إلا على الزمارة يراد كسب البغي ، ومثله [قوله تعالى ] ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء . ورد [ ص: 179 ] ابن قتيبة هذا وقال الرمازة أيضا الفاجرة التي تومئ بعينها قال: ومنه [قوله تعالى ]: ثلاثة أيام إلا رمزا والرمازة صفة من صفات الفاجرة واستشهد :
رمزت إلي مخافة من بعلها من غير أن يبدو هناك كلامها
وقلت أنا وأكثر أصحاب الحديث على الزمارة بتقديم الزاي حدثنا به عبدان إملاء .