ومما يشكل ويصحف في موضعين من هذا الحديث: قوله [ ص: 194 ] صلى الله عليه وسلم: "ضموا فواشيكم ، إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء" يصحفون فواشيكم ، بمواشيكم ، وفحمة ، بقحمة ، وإنما الرواية عند أهل الثبت والضبط "ضموا فواشيكم" بالفاء ، والواحدة: فاشية ، وهي: ما ينتشر ويفشو من الإبل والغنم وغيرها ، ومن لا يضبط يقول: "ضموا مواشيكم" على أنها جمع ماشية ، وأكثر العرب ليسوا أصحاب مواشي .
أخبرنا ، حدثنا ابن منيع ، حدثنا علي بن الجعد الجوهري زهير ، عن أبي الزبير ، جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء" حدثناه بالفاء في موضعين . عن
وحدثنا علي بن إسماعيل ، حدثنا أبو موسى ، حدثنا ، عن عبد الرحمن بن مهدي سفيان ، عن أبي الزبير ، جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفوا أهليكم وفواشيكم إذا [ ص: 195 ] غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء" . وأما قوله: فحمة العشاء ، فمنهم من يرويه بضم الفاء ، ومنهم من يرويه بفتحها ، والروايتان صحيحتان ، يقال: فحمة وفحمة العشاء يعني به سواد الليل وظلمته ، وإنما يكون ذلك في أول الليل ، وأما من رواه ، قحمة -بالقاف- فهو خطأ وتصحيف . عن
وحكى لي الحسن بن علي بن خلف ، قال: سمعت أحمد بن غياث العسكري -وكان عالما باللغة والشعر- يقول: إن صحف فيه فقال: قحمة بالقاف ، وخالفه غيره في هذه الحكاية ، فأخبرني أبي ، عن عيسى بن عمر عسل بن ذكوان ، عن الرياشي ، عن ، عن أبي معمر عبد الوارث ، قال كنت أنا وعيسى بن عمر بباب بكر بن حبيب السهمي ، فقال عيسى: فحمة ، وقلت أنا: فحمة جميعا بالفاء وإنما اختلفنا في الضم والفتح ، فسألنا بكر بن حبيب السهمي ، فقال: الفحمة [ ص: 196 ] فورة العشاء ، وهذا أشبه بالصحيح ، لأن ، أحد المتقدمين في علم النحو واللغة . عيسى بن عمر
وأخبرني نفطويه ، أنبأنا ، عن أحمد بن يحيى ابن الأعرابي ، قال: فحمة العشاء ، من لدن المغرب إلى العشاء ، قال ابن الأعرابي: وقال الفزاري: من لدن العشاء إلى نصف الليل ، وقد أفحم القوم إذا أناخوا [في[ فحمة الليل ، وقال الغنوي: إنما الفحمة في القيظ أول الليل ، وليست لليل الشتاء فحمة ، لأنه لا حر فيه فتحبسهم ، وإنما يفحمون إذا أقاموا فحمة العشاء ليسكن عنهم الحر ، ويبرد الليل ثم يسيرون ليلتهم .