وفي حديث آخر: "أن نوحا عليه السلام لما خرج من السفينة غرس الحبلة" أي الكرمة .
وفي حديث آخر: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلى " بفتحتين ، وليس هذا من الأول في شيء ، وإنما [ ص: 263 ] هذا من الحبل ، وهو جمع ناقة حابل ، ونوق حبلة كما تقول: حامل وحملة .
وأما حديث رضي الله عنه: سعد بن أبي وقاص والحبلة ها هنا مضمومة الحاء ساكنة الباء وهي ثمرة العضاه ، والحبلة أيضا ضرب من الحلي يجعل في القلائد . قال الشاعر: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر "
وكل خليل عليه الرعاث والحبلات كذوب ملق
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "الثيب يعرب عنها لسانها " [ ص: 264 ] واختلفوا في يعرب بتسكين العين ، وفي يعرب بتشديد الراء ، فقال يروى في الحديث يعرب بالتخفيف ، وقال أبو عبيد: الفراء : يعرب بالتشديد ، وقال: يقال عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم . وكذلك قوله: فإنما يعرب عما في قلبه لسانه ، جميعا بالتشديد . قال وكان أبو عبيد: هشيم يقول: يعرب .
وأخبرني الحسن بن علي ، عن نصر ، عن ، عن أبي عبيد هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال: قال "كانوا يحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب عنه لسانه أن يقولوا لا إله إلا الله سبع مرات " . يقولون: يعرب مخففة ، وليس هذا من إعراب الكلام في شيء ، والصواب يعرب إنما معناه أنه يبين ذلك القول ما في قلبها . أبو عبيد:
[ ص: 265 ] قال: وقد روي عن عمر رضي الله عنه فقال: "ما يمنعكم أن تعربوا عليه " معناه ما يمنعكم أن تردوا عليه ، يقال عربت على الرجل إذا رددت عليه .
وحدثني ، حدثنا أبو الليث الفرائضي ، حدثنا سريج بن يونس ، عن عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن الأعمش شقيق ، عن زيد بن صوحان قال: قال عمر رضي الله عنه: "ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يمزق أعراض المسلمين أن تعيبوا عليه ؟ قالوا: نتقي ونخاف ، قال: ذلك أدنى أن لا تكونوا شهداء " هكذا قال ، أن تعيبوا عليه ، وعندي أنه تصحيف وإنما هو أن تعربوا عليه [ ص: 266 ] أي تردوا عليه ، واختار ابن قتيبة يعرب بالتخفيف ، واحتج بقوله :
تأولها منا تقي ومعرب