الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومما يشكل في حديث آخر أنه قال صلى الله عليه وسلم: "كان في الأمم محدثون " الدال مفتوحة ، ولا يجوز كسرها .

[ ص: 268 ] حدثنا الحسين بن أحمد بن بسطام ، حدثنا محمد بن بزيع حدثنا ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "إنه كان في الأمم محدثون ، فإن يكن في أمتي [ ص: 269 ] فعمر  رحمة الله عليه" فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم "محدثون" يريد ما يصيبون إذا ظنوا . يقال: رجل محدث يصيب رأيه ويصدق ظنه إذا توهم ، فكأنه حدث بشيء فقاله .

وفي حديث آخر: "محدثين مروعين" والمروع الذي يلقى في روعه الشيء ومنه قوله عليه الصلاة والسلام "نفث في روعي" أي في خلدي وفي نفسي ، ومثله الألمعي والنقاب . وقال الشاعر :


نقاب يحدث بالغائب



وأخبرني الحسين بن بسطام ، حدثنا محمد بن ميمون ، حدثنا سفيان ، عن مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب قال: كان الرجل يحدث عمر رضي الله عنه بالحديث ، فيكذب فيه ، فيقول عمر: اخنس هذه . فيقول الرجل: كل ما حدثتك حق إلا ما قلت لي: اخنس .

وفي حديث آخر: "سبق المفردون   -بفتح الراء- قيل: [ ص: 270 ] وما المفردون ؟ قال: الذين أهتروا بذكر الله عز وجل " وقال: المفردون هم الشيوخ الهرمى الذين قد تقلل لداتهم [من الناس ] وذهب القرن الذين كانوا فيه فصاروا مفردين ، وقد قال الشاعر :


إذا ما مضى القرن الذي أنت منهم     وخلفت في قرن فأنت غريب



[ ص: 271 ] وقوله: الذين أهتروا بذكر الله أي نسبوا إلى الخرف في كثرة ذكر الله عز وجل ويقال: خرف فلان في ذكر الله يراد قد هرم وهو يطيع الله عز وجل ويذكره . ويجوز أن يكون المفردون الذين قد تفردوا وتحلوا بذكر الله تعالى واشتهروا بالذكر والتسبيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية