الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
585 - أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني قال: حدثنا جدي ، قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: قال لي يحيى بن سعيد الأنصاري - لما أراد الخروج إلى العراق - : " التقط لي مائة حديث من حديث ابن شهاب حتى أرويها عنك عنه، قال مالك: فكتبتها، ثم بعثت بها إليه، فقيل لمالك: أسمعها منك؟ قال: هو أفقه من ذلك.

586 - أخبرنا أبو جعفر محمد (بن محمد) بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني مطرف بن عبد الله قال: صحبت مالكا سبع عشرة سنة، فما رأيته قرأ الموطأ على أحد، وسمعته يأبى أشد الإباء على من يقول: لا يجزيه إلا السماع، ويقول: وكيف لا يجزيك هذا في الحديث، ويجزيك في القرآن، والقرآن أعظم، وكيف لا يقنعك أن تأخذه عرضا، والمحدث أخذه عرضا، ولم لا تجوز لنفسك أن تعرض أنت كما عرض هو!. [ ص: 676 ]

587 - حدثنا أبو بكر الشافعي ببغداد قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال: حدثنا ابن أبي أويس قال: سئل مالك عن حديثه، أسماع هو؟ فقال: "منه سماع، ومنه عرض، وليس العرض بأدنى عندنا من السماع".  

قال أبو عبد الله: رحمه الله: وقد ذكرنا مذهب جماعة من الأئمة في العرض، فإنهم أجازوه على الشرائط التي قدمنا ذكرها، ولو عاينوا ما عايناه من محدثي زماننا، لما أجازوه، فإن المحدث إذا لم يعرف ما في كتابه كيف يعرض عليه؟ .

وأما فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحلال والحرام، فإنهم لم يرو العرض سماعا، واختلفوا أيضا في القراءة على المحدث، أهو إخبار أم لا؟.  

588 - وقد قال الشافعي (رحمه الله) المطلبي بالحجاز، والأوزاعي بالشام، والبويطي ، والمزني بمصر، وأبو حنيفة ، وسفيان الثوري [ ص: 677 ] وأحمد بن حنبل بالعراق، وعبد الله بن المبارك ، ويحيى بن يحيى ، وإسحاق بن راهويه بالمشرق، (رحمة الله عليهم أجمعين)، وعليه عهدنا أئمتنا، وبه قالوا: وإليه ذهبوا، وإليه نذهب، وبه نقول:

إن العرض ليس بسماع، وإن القراءة على المحدث إخبار.

والحجة عندهم في ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ، سمع مقالتي فوعاها حتى يؤديها إلى من لم يسمعها".  

وقوله صلى الله عليه وسلم: "تسمعون ويسمع منكم"، في أخبار كثيرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية