[ ص: 348 ] وهؤلاء الرافضة  يرمون أزواج الأنبياء :  عائشة  وامرأة نوح   بالفاحشة   ; فيؤذون نبينا - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء من الأذى بما هو من جنس أذى المنافقين المكذبين للرسل ، ثم ينكرون على  طلحة   والزبير  أخذهما  لعائشة  معهما لما سافرا معها من مكة  إلى البصرة  ، ولم يكن في ذلك ريبة فاحشة بوجه من الوجوه . فهل هؤلاء إلا من أعظم الناس جهلا وتناقضا ؟ . 
وأما أهل السنة فعندهم أنه ما بغت امرأة نبي قط ، وأن ابن نوح   كان ابنه . كما قال تعالى وهو أصدق القائلين : ( ونادى نوح ابنه   ) [ سورة هود : 42 ] وكما قال نوح   : ( يابني اركب معنا   ) [ سورة هود : 42 ] وقال : ( إن ابني من أهلي   ) [ سورة هود : 45 ] ، فالله ورسوله يقولان : إنه ابنه ، وهؤلاء الكذابون المفترون المؤذون للأنبياء يقولون : إنه ليس ابنه . والله تعالى لم يقل : إنه 
[1] ليس ابنك ، ولكن قال : ( إنه ليس من أهلك   ) . 
وهو سبحانه وتعالى قال : ( قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول   ) [ سورة هود : 40 ] ثم قال : ( ومن آمن   ) [ سورة هود : 40 ] أي : واحمل 
[2] من آمن ، فلم يأمره بحمل أهله كلهم ، بل استثنى من سبق عليه القول [ منهم ] 
[3] ، وكان ابنه قد سبق عليه القول ، ولم يكن نوح  يعلم ذلك . فلذلك قال : ( رب إن ابني من أهلي   ) ظانا  [ ص: 349 ] أنه دخل في جملة 
[4] من وعد بنجاتهم . [ ولهذا قال من قال من العلماء : إنه ليس من أهلك الذين وعدت بإنجائهم ] 
[5]  . وهو وإن كان من الأهل نسبا فليس هو منهم دينا ، والكفر قطع 
[6] الموالاة بين المؤمنين والكافرين ، كما نقول : إن أبا لهب  ليس من آل محمد   ولا من أهل بيته ، وإن كان من أقاربه ، فلا يدخل في قولنا 
[7]  : " اللهم صل على محمد  وعلى آل محمد    " . 
وخيانة امرأة نوح   لزوجها كانت في الدين   ; فإنها كانت تقول : إنه مجنون . وخيانة امرأة لوط   أيضا كانت في الدين ; فإنها كانت تدل قومها على الأضياف ، وقومها كانوا يأتون الذكران ، لم تكن معصيتهم الزنا بالنساء حتى يظن أنها أتت فاحشة ، بل كانت تعينهم على المعصية وترضى عملهم . 
ثم من جهل الرافضة  أنهم يعظمون أنساب الأنبياء : آباءهم وأبناءهم ، ويقدحون في أزواجهم ; كل ذلك عصبية واتباع هوى 
[8] حتى يعظمون  فاطمة   والحسن   والحسين  ، ويقدحون في  عائشة   [ أم المؤمنين ] 
[9] ، فيقولون - أو من يقول منهم - : إن آزر  أبا إبراهيم  كان مؤمنا ، وإن أبوي النبي - صلى الله عليه وسلم - كانا مؤمنين ، حتى لا يقولون : إن النبي يكون أبوه  [ ص: 350 ] كافرا ، فإذا كان 
[10] أبوه كافرا أمكن أن يكون ابنه كافرا ، فلا يكون في مجرد النسب فضيلة . 
وهذا مما يدفعون به أن ابن نوح   كان كافرا لكونه ابن نبي ، فلا يجعلونه كافرا مع كونه ابنه ، ويقولون أيضا : إن أبا طالب  كان مؤمنا . ومنهم من يقول : كان اسمه عمران  ، وهو المذكور في قوله تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين   ) . [ سورة آل عمران : 33 ] 
وهذا الذي فعلوه مع ما فيه من الافتراء والبهتان ففيه 
[11] من التناقض وعدم حصول مقصودهم ما لا يخفى . وذلك أن كون الرجل أبيه 
[12] أو ابنه كافرا لا ينقصه [ ذلك ] 
[13] عند الله شيئا ، فإن الله يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي . 
ومن المعلوم أن الصحابة أفضل من آبائهم ، وكان آباؤهم كفارا ، بخلاف من كونه زوج بغي [ قحبة ] 
[14]  ; فإن هذا من أعظم ما يذم به ويعاب ; لأن مضرة ذلك تدخل عليه ، بخلاف كفر أبيه أو ابنه . 
وأيضا فلو كان المؤمن لا يلد إلا مؤمنا ، لكان بنو آدم  كلهم مؤمنين . وقد قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من  [ ص: 351 ] أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين   ) [ سورة المائدة : 27 ] إلى آخر القصة . 
وفي الصحيحين عن 
[15] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل  " 
[16]  . 
				
						
						
