فصل 
قال الرافضي [1]  : " البرهان الثالث عشر : قوله تعالى : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد   )   [ سورة الرعد : 7 ] من كتاب " الفردوس " عن  ابن عباس  [2] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا  [ ص: 139 ] المنذر [3]  وعلي  الهادي ، بك [4] يا  علي  يهتدي المهتدون  . ونحوه رواه أبو نعيم  ، وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة [5]  " . 
والجواب من وجوه : أحدها : أن هذا لم يقم دليل على صحته ، فلا يجوز الاحتجاج [ به ] [6]  . وكتاب " الفردوس " للديلمي  [7] فيه موضوعات كثيرة أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث ، وكذلك رواية أبي نعيم  لا تدل على الصحة . 
الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث [8] ، فيجب تكذيبه ورده . 
 [ ص: 140 ] الثالث : أن هذا الكلام لا يجوز نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن قوله : أنا المنذر وبك يا  علي  يهتدي المهتدون ، ظاهره أنهم بك يهتدون دوني ، وهذا لا يقوله مسلم ; فإن ظاهره أن النذارة والهداية مقسومة بينهما ، فهذا نذير لا يهتدى به ، وهذا هاد [ وهذا ] [9] لا يقوله مسلم . 
الرابع : أن الله تعالى قد جعل محمدا  هاديا فقال : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم  صراط الله   ) [ سورة الشورى : 52 - 53 ] فكيف يجعل الهادي من لم يوصف بذلك دون من وصف به ؟ ! 
الخامس : أن قوله : " بك يهتدي المهتدون " ظاهره أن كل من اهتدى من أمة محمد  فبه اهتدى ، وهذا كذب بين ; فإنه قد آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خلق كثير ، واهتدوا به ، ودخلوا الجنة ، ولم يسمعوا من  علي  كلمة واحدة ، وأكثر الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واهتدوا به لم يهتدوا  بعلي  في شيء . وكذلك لما فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم ، كان جماهير المؤمنين لم يسمعوا من  علي  شيئا ، فكيف يجوز أن يقال : بك يهتدي المهتدون ؟ ! 
 [ ص: 141 ] السادس : أنه قد قيل معناه : إنما أنت نذير ولكل قوم هاد ، وهو الله تعالى ، وهو قول ضعيف . وكذلك قول من قال : أنت نذير وهاد لكل قوم ، قول ضعيف . والصحيح أن معناها : إنما أنت نذير كما أرسل من قبلك نذير [10] ، ولكل أمة نذير يهديهم أي يدعوهم [11] ، كما في قوله : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير   ) [ سورة فاطر : 24 ] وهذا قول جماعة من المفسرين مثل قتادة  وعكرمة  وأبي الضحى  وعبد الرحمن بن زيد   . قال  ابن جرير الطبري  [12]  : " حدثنا بشر  ، حدثنا [13] يزيد  ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة  ، وحدثنا أبو كريب  [14] حدثنا [  وكيع  ، حدثنا ] [15] سفيان  ، عن  السدي  ، عن عكرمة   . ومنصور  عن أبي الضحى   : " إنما أنت منذر  [16] ولكل قوم هاد   " قالا : محمد  هو المنذر وهو الهادي "  . 
" حدثنا يونس  [17] ، حدثنا ابن وهب  [18] ، قال : قال ابن زيد   : لكل قوم نبي [19]  . " الهادي " النبي [20] والمنذر النبي أيضا [21]  . وقرأ : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير   )  [ ص: 142 ]  [ سورة فاطر : 24 ] . وقرأ [22]  : ( نذير من النذر الأولى   ) [ سورة النجم : 56 ] قال : نبي من الأنبياء . " حدثنا بشار  [23] ، حدثنا أبو عاصم  ، حدثنا سفيان  [24] ، عن ليث  ، عن  مجاهد  قال : " المنذر " [25] محمد  [26] ، " ولكل قوم هاد   " قال : نبي . 
وقوله : ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم   ) [ سورة الإسراء : 71 ] ; إذ الإمام [ هو ] [27] الذي يؤتم به ، أي يقتدى به . وقد قيل : إن المراد به هو الله الذي يهديهم ، والأول أصح . 
وأما تفسيره  بعلي  فإنه باطل ; لأنه قال : ( ولكل قوم هاد   ) ، وهذا يقتضي أن يكون هادي هؤلاء غير هادي هؤلاء ، فيتعدد الهداة ، فكيف يجعل  علي  هاديا [28] لكل قوم من الأولين والآخرين ؟ ! 
السابع : أن الاهتداء بالشخص قد يكون بغير تأميره عليهم ، كما يهتدى بالعالم . وكما جاء في الحديث الذي فيه :  " أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم [29]  " فليس هذا صريحا في أن الإمامة [30] كما زعمه هذا المفتري . 
 [ ص: 143 ] الثامن : أن قوله : ( ولكل قوم هاد   ) نكرة في سياق الإثبات ، وهذا لا يدل على معين ، فدعوى دلالة القرآن على  علي  باطل  ، والاحتجاج بالحديث ليس احتجاجا بالقرآن ، مع أنه باطل . 
التاسع : أن قوله : كل قوم صيغة عموم . ولو أريد أن هاديا واحدا للجميع لقيل : لجميع الناس هاد [31]  . لا يقال : ( لكل قوم ) ، فإن هؤلاء القوم [ غير هؤلاء القوم ] [32] ، وهو لم يقل : لجميع القوم ، ولا يقال ذلك ، بل أضاف " كلا " إلى نكرة ، لم يضفه إلى معرفة . 
كما في قولك : " كل الناس يعلم أن هنا [33] قوما وقوما متعددين ، وأن كل قوم لهم هاد ليس هو هادي الآخرين " . وهذا يبطل قول من يقول : [ إن ] [34] الهادي هو الله تعالى ، ودلالته على بطلان قول من يقول   : " هو  علي  أظهر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					