فصل 
قال الرافضي  [1]  : " الحادي عشر : ما رواه الجمهور من وجوب [2] محبته وموالاته : روى  أحمد بن حنبل  في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم * أخذ بيد  حسن   وحسين  ، فقال من أحبني وأحب [3] هذين وأباهما وأمهما فهو معي [4] في درجتي يوم القيامة  [5]  " . 
 [ ص: 398 ] وروى ابن خالويه  عن  حذيفة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * [6]  : من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده [7] ، ثم قال لها : كوني فكانت ، فليتول  علي بن أبي طالب  من بعدي  . وعن  أبي سعيد  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لعلي   : حبك إيمان ، وبغضك نفاق ، وأول من يدخل الجنة محبك ، وأول من يدخل النار مبغضك  ، وقد جعلك الله أهلا لذلك ، فأنت مني ، وأنا منك ، ولا نبي بعدي  . وعن شقيق بن سلمة  عن عبد الله  قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد  علي  ، وهو يقول : هذا وليي وأنا وليه ، عاديت من عادى ، وسالمت من سالم  . وروى أخطب خوارزم  عن  جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جاءني جبريل  من  [ ص: 399 ] عند الله [8] بورقة خضراء مكتوب فيها ببياض : إني قد [9] افترضت محبة  علي  [10] على خلقي فبلغهم ذلك عني  . والأحاديث [11] في ذلك لا تحصى كثرة من طرق المخالفين ، وهي تدل على أفضليته [12] ، واستحقاقه للإمامة " . 
والجواب من وجوه : أحدها : المطالبة بتصحيح النقل ، وهيهات له بذلك [13] ، وأما قوله : " رواه  أحمد   " فيقال : أولا :  أحمد  له المسند المشهور ، وله كتاب مشهور في " فضائل الصحابة " روى فيه أحاديث لا يرويها في المسند لما فيها من الضعف ; لكونها لا تصلح أن تروى في المسند ; لكونها مراسيل أو ضعافا [14] ، بغير الإرسال ، ثم إن هذا الكتاب زاد فيه ابنه عبد الله  زيادات ، ثم إن  القطيعي  [15]  - الذي رواه عن ابنه عبد الله   - زاد عن شيوخه زيادات ، وفيها أحاديث موضوعة باتفاق أهل المعرفة . 
وهذا الرافضي  وأمثاله من شيوخ الرافضة  جهال ، فهم ينقلون من هذا المصنف فيظنون أن كل ما رواه  القطيعي  ، أو عبد الله  قد رواه  أحمد  نفسه [16] ، ولا يميزون بين شيوخ  أحمد  ، وشيوخ  القطيعي  ، ثم يظنون أن  أحمد   [ ص: 400 ] إذا رواه فقد رواه في المسند فقد رأيتهم في كتبهم يعزون إلى مسند  أحمد  أحاديث ما سمعها  أحمد  [17] قط ، كما فعل ابن البطريق  ، وصاحب " الطرائف " منهم ، وغيرهما بسبب هذا الجهل منهم ، وهذا غير ما يفترونه من الكذب ، فإن الكذب كثير منهم . 
وبتقدير أن يكون  أحمد  روى الحديث فمجرد ( رواية ) [18]  أحمد  لا توجب أن يكون صحيحا يجب العمل به ، بل الإمام  أحمد  روى [19] أحاديث كثيرة ليعرف ويبين للناس ضعفها ، وهذا في كلامه وأجوبته أظهر وأكبر من أن يحتاج إلى بسط ، لا سيما في مثل هذا الأصل العظيم . 
مع أن هذا الحديث الأول من زيادات  القطيعي  [20]  " ، رواه عن نصر بن علي الجهضمي  [21] ، عن علي بن جعفر  ، عن أخيه موسى بن جعفر  [22] ، والحديث الثاني ذكره  ابن الجوزي  في " الموضوعات " ، وبين أنه موضوع [23] ، وأما رواية ابن خالويه  فلا تدل على أن هذا الحديث صحيح  [ ص: 401 ] باتفاق أهل العلم ، وكذلك رواية خطيب [24] خوارزم  ، فإن في روايته من الأكاذيب المختلفة ما هو من أقبح الموضوعات باتفاق أهل العلم . 
الوجه الثاني : أن هذه الأحاديث التي رواها ابن خالويه  كذب موضوعة [25] عند أهل الحديث وأهل المعرفة ، يعلمون علما ضروريا يجزمون به أن هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه ليست في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها علماء الحديث لا الصحاح ، ولا المساند [26] ، ولا السنن ، ولا المعجمات ، ولا نحو ذلك من الكتب . 
الثالث : أن من تدبر ألفاظها تبين له أنها مفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثل قوله : من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده ، ثم قال لها كوني فكانت  . فهذه من خرافات الحديث ، وكأنهم لما سمعوا أن الله خلق آدم  بيده من تراب ، ثم قال له : كن ، فكان [27] ، قاسوا هذه الياقوتة على خلق آدم  ، وآدم  خلق من تراب ، ثم قال له : كن فكان فصار حيا بنفخ الروح فيه فأما هذا القصب [28] فبنفس خلقه كمل ، ثم لم يكن له بعد هذا حال يقال له فيها : كن ، ولم يقل أحد من أهل العلم إن الله خلق بيده ياقوتة ، بل قد روي في عدة آثار : أن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء : آدم  ، والقلم ، وجنة عدن ،  [ ص: 402 ] ثم قال لسائر خلقه كن فكان فلم يذكر فيها هذه الياقوتة . 
ثم أي عظيم في إمساك هذه الياقوتة حتى يجعل على هذا وعدا عظيما . 
وكذلك قوله : أول من يدخل النار مبغضك ، فهل يقول  مسلم   : إن الخوارج  يدخلون النار قبل أبي جهل بن هشام  ، وفرعون  ، وأبي لهب  ، وأمثالهم من المشركين ؟ ! 
وكذلك قوله : أول من يدخل الجنة محبك ، فهل يقول عاقل : إن الأنبياء ، والمرسلين سبب دخولهم ( الجنة ) [29] أولا هو حب  علي  دون حب الله ورسوله ، وسائر الأنبياء ورسله ، وحب الله ورسله ليس هو السبب في ذلك ، وهل تعلق السعادة والشقاوة بمجرد حب  علي  دون حب الله ورسوله إلا كتعلقها بحب  أبي بكر   وعمر  ،  وعثمان  ،  ومعاوية  رضي الله عنهم ؟ فلو قال قائل : من أحب  عثمان   ومعاوية  دخل الجنة ، ومن أبغضهما دخل النار - كان هذا من جنس قول الشيعة   . 
				
						
						
