فصل
قال الرافضي [1] : " الثامن : قوله في مرض موته : ليتني كنت تركت بيت [2] فاطمة لم أكبسه [3] ، وليتني كنت في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد [4] الرجلين ، وكان هو الأمير ، وكنت الوزير [5] ; وهذا يدل على إقدامه على بيت [6] فاطمة عند اجتماع أمير المؤمنين والزبير وغيرهما فيه " [7] .
والجواب : أن القدح لا يقبل حتى يثبت اللفظ بإسناد صحيح ، ويكون [ ص: 291 ] دالا دلالة ظاهرة على القدح ، فإذا انتفت إحداهما انتفى القدح ، فكيف إذا انتفى كل منهما ؟ ! ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يقدم على علي والزبير بشيء من الأذى ، بل ولا على سعد بن عبادة المتخلف عن بيعته أولا وآخرا .
وغاية ما يقال : إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه ، وأن يعطيه لمستحقه ، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز ; فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء .
وأما إقدامه عليهم أنفسهم بأذى ، فهذا ما وقع فيه قط باتفاق أهل العلم والدين ، وإنما ينقل مثل [8] هذا جهال الكذابين ، ويصدقه حمقى [9] العالمين ، الذين يقولون : إن الصحابة هدموا بيت فاطمة ، وضربوا بطنها حتى أسقطت .
وهذا كله دعوى مختلق ، وإفك مفترى ، باتفاق أهل الإسلام ، ولا يروج إلا على من هو من جنس الأنعام .
وأما قوله : " ليتني كنت ضربت على يد أحد الرجلين " فهذا لم يذكر له إسنادا ، ولم يبين صحته ، فإن كان قاله فهو يدل على زهده وورعه وخوفه من الله تعالى .


