[ ص: 292 ] فصل
قال الرافضي [1] : " التاسع : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : جهزوا جيش أسامة ، وكرر الأمر [ بتنفيذه ] [2] ، وكان فيهم أبو بكر وعمر وعثمان ، ولم ينفذ أمير المؤمنين ; لأنه أراد [3] منعهم من التوثب [4] على الخلافة بعده ، فلم يقبلوا [5] منه .
والجواب من وجوه : أحدها : المطالبة بصحة النقل ; فإن هذا لا يروى بإسناد معروف ، ولا صححه أحد من علماء النقل . ومعلوم أن الاحتجاج بالمنقولات لا يسوغ إلا بعد قيام الحجة بثبوتها ، وإلا فيمكن أن يقول كل أحد ما شاء .
الثاني : أن هذا كذب بإجماع علماء النقل ، فلم يكن في جيش أسامة : لا أبو بكر ، ولا عثمان ، وإنما قد قيل : إنه كان فيه [6] عمر . وقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استخلف أبا بكر على الصلاة حتى مات ، وصلى أبو بكر - رضي الله عنه - الصبح يوم موته ، وقد كشف [ ص: 293 ] سجف الحجرة ، فرآهم صفوفا خلف أبي بكر ، فسر بذلك . فكيف يكون مع هذا قد أمره أن يخرج في جيش أسامة ؟ !
الثالث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أراد تولية علي لكان هؤلاء أعجز أن يدفعوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكان جمهور المسلمين أطوع لله ورسوله من أن يدعوا هؤلاء يخالفون أمره ، لا سيما وقد قاتل ثلث المسلمين أو أكثر مع علي لمعاوية ، وهم لا يعلمون أن معه نصا ، فلو كان معه نص لقاتل معه جمهور المسلمين .
الرابع : أنه أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ولم يأمر عليا ، فلو كان علي هو الخليفة لكان يأمره بالصلاة بالمسلمين ، فكيف ولم يؤمر عليا على أبي بكر قط ؟ !
بل في الصحيحين أنه لما ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف قال لبلال : " إذا حضرت الصلاة فمر أبا بكر أن يصلي بالناس " [7] ، وكذلك في مرضه ، ولما أراد إقامة الحج أمر أبا بكر أن يحج ، وأردفه بعلي تابعا له ، وأبو بكر هو الإمام الذي يصلي بالناس ، بعلي وغيره ، ويأمر عليا وغيره فيطيعونه ، وقد أمر أبا بكر على علي في حجة سنة تسع ، وكان أبو بكر مؤمرا عليهم إماما لهم .


