قال وروي عن أبو عمر : صهيب أنه قال : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صهيب سابق الروم ، سابق وسلمان فارس ، سابق وبلال الحبشة . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحب صهيبا حب الوالدة لولدها . وذكر قال : أخبرنا الواقدي ، عاصم بن سويد من بني عمرو بن عوف ، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت ، قال : قدم آخر الناس في الهجرة إلى المدينة علي وذلك للنصف من ربيع الأول ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصهيب ، بقباء لم يرم بعد .
أخبرنا حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، [ ص: 730 ] [قال ] : حدثنا أحمد بن زهير ، [قال ] : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا الفضل بن موسى ، محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه أن قال عمر بن الخطاب إنك تدعى إلى لصهيب : النمر بن قاسط ، وأنت رجل من المهاجرين الأولين ممن أنعم الله عليه بالإسلام . قال صهيب : أما ما تزعم أني ادعيت إلى النمر بن قاسط فإن العرب كانت تسبي بعضها بعضا فسبوني ، وقد عقلت مولدي وأهلي فباعوني بسواد الكوفة ، فأخذت لسانهم ، ولو أني كنت من روثة حمار ما ادعيت إلا إليها .
وأخبرني سعيد بن نصر ، قالا : حدثنا وعبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، زهير بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن حمزة بن صهيب أن صهيبا كان يكنى أبا يحيى .
وزعم أنه كان من العرب ، يا عمر : صهيب ، ما لك تتكنى بأبي يحيى ، وليس لك ولد ، وتزعم أنك من العرب ، وتطعم الطعام الكثير ، وذلك سرف في المال ؟ فقال له صهيب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى . وأما قولك في النسب فإني رجل من النمر بن قاسط من أنفسهم ، ولكني سبيت غلاما صغيرا قد عقلت أهلي وقومي . وأما قولك في الطعام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : خياركم من أطعم الطعام ، ورد السلام ، فذلك الذي يحملني على أن أطعم [ ص: 731 ] . وكان يطعم الطعام الكثير ، فقال له
وحدثني حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثني مصعب بن عبد الله ، أبي ، حدثني عن ربيعة بن عثمان ، عن زيد بن أسلم ، أبيه قال : خرجت مع رضي الله عنه حتى دخل على عمر بن الخطاب صهيب حائطا له بالعالية ، فلما رآه صهيب قال : يا ناس يا ناس . فقال لا أبا له! يدعو الناس! فقلت : إنما يدعو غلاما يدعى يحنس . فقال عمر : ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلا ثلاث خصال ، لولاهن ما قدمت عليك أحدا . هل أنت مخبري عنهن ؟ قال عمر : صهيب : ما أنت بسائلي عن شيء إلا صدقتك عنه . قال : أراك تنتسب عربيا ولسانك أعجمي ، وتتكنى بأبي يحيى اسم نبي ، وتبذر مالك . قال : أما تبذيري مالي ما أنفقه إلا في حقه . وأما اكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى ، أفأتركها لك . وأما انتسابي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرا فأخذت لسانهم ، وأنا رجل من النمر بن قاسط لو انفلقت عني روثة لانتسبت إليها .
حدثنا حدثنا سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا جعفر بن محمد الصائغ ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، أحمد بن زهير ، وموسى بن إسماعيل قالا : حدثنا عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، قال : سعيد بن المسيب ، خرج صهيب مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاتبعه نفر من المشركين ، فانتثر ما في كنانته ، وقال لهم : يا معشر قريش ، قد تعلمون [ ص: 732 ] أني من أرماكم ، ووالله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي ، ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه في يدي شيء ، فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه . قالوا :
فدلنا على مالك ونخلي عنك . فتعاهدوا على ذلك ، فدلهم ، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ربح البيع أبا يحيى . فأنزل الله تعالى فيه : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد .