الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1262 - ضمام بن ثعلبة ، أحد بني سعد بن بكر السعدي ، ويقال التميمي ، وليس بشيء ، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، بعثه بنو سعد بن بكر وافدا . قيل [ ص: 752 ] .

                                                              إن ذلك في سنة خمس ، قاله محمد بن حبيب وغيره . وذكر ابن إسحاق قدوم ضمام بن ثعلبة ولم يذكر العام . وقيل : كان قدومه في سنة سبع . وقيل في سنة تسع ، ذكره ابن هشام عن أبي عبيدة - فساءله عن الإسلام فأسلم ، ثم رجع إليهم ، فأسلموا ، وفي حديثه وصف الإسلام ودعائمه ، وأنه من أتى بها دخل الجنة .

                                                              روى حديثه ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأنس بن مالك ، وطلحة بن عبيد الله ، ولم يسمه طلحة ، كلها طرق صحاح ، وقد ذكرتها في التمهيد .

                                                              ومن أكملها حديث ابن عباس قال : بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عليه ، وأناخ بعيره على باب المسجد ، ثم عقله ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد في أصحابه ، وكان ضمام بن ثعلبة رجلا جعد الشعر ذا غديرتين - قال : فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه ، فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا ابن عبد المطلب . قال : محمد ؟ قال :

                                                              نعم . قال : يا ابن عبد المطلب . أني سائلك ومغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن في نفسك . قال : لا أجد في نفسي ، سل عما بدا لك . قال : أنشدك بالله إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، الله أمرك أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأوثان التي كان آباؤنا يعبدون معه .

                                                              قال : اللهم نعم . قال : فأنشدك بالله إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، الله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس ؟ قال : اللهم نعم . قال : ثم جعل [ ص: 753 ] يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة : الزكاة ، والصيام ، والحج ، وشرائع الإسلام ، كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها . حتى إذا فرغ قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه ، لا أزيد ولا أنقص . قال : ثم انصرف إلى بعيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة . قال : فأتى بعيره ، فأطلق عقاله ، ثم خرج حتى قدم على قومه ، فاجتمعوا إليه ، فكان أول ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى! قالوا : مه يا ضمام ، اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون . قال : ويلكم! إنهما والله ما تضران وما تنفعان ، وإن الله قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما آمركم به وأنهاكم عنه ، قال : فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضرته من رجل ولا امرأة إلا مسلما .


                                                              قال ابن عباس : فما سمعنا بوافد قط كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

                                                              ورواه محمد بن إسحاق ، حدثنا محمد بن الوليد بن نويفع مولى ابن الزبير ، عن كريب مولى ابن عباس - أن ضمام بن ثعلبة أخا بني سعد بن بكر لما أسلم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرائض الإسلام ، فعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس لم يزد عليهن ، ثم الزكاة ، ثم صيام رمضان ، ثم حج البيت ، ثم أعلمه بما حرمه الله عليه ، فلما فرغ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك لرسول الله ، وسأفعل ما أمرتني به . ولا أزيد ولا أنقص . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة   [ ص: 754 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية