الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1837 - عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، حليف لبني أمية، يكنى أبا محصن، كان من فضلاء الصحابة، شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا، وانكسر سيفه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجونا أو عودا، فصار بيده سيفا يومئذ، وشهد أحدا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، يوم بزاخة، قتله خويلد الأسدي، يوم قتل ثابت بن أقرم في الردة، هكذا قال جمهور أهل السير في أخبار أهل الردة، إلا سليمان التيمي، فإنه ذكر أن عكاشة قتل في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني خزيمة، فقتله طليحة، وقتل ثابت بن أقرم، ولم يتابع سليمان التيمي على هذا القول. وقصة عكاشة مشهورة في الردة.

                                                              وكان عكاشة يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ابن أربع وأربعين سنة، وقتل بعد ذلك بسنة. وقال ابن سعد: سمعت بعضهم يشدد الكاف في عكاشة، وبعضهم يخففها ، وكان من أجمل الرجال. روى عنه من الصحابة أبو هريرة، [ ص: 1081 ] وابن عباس. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم.  فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال [له ] : أنت منهم، ودعا له. فقام رجل آخر، فقال: يا رسول الله، ادع الله لي أن يجعلني منهم، قال: سبقك بها عكاشة. وروى حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عرضت علي الأمم بالموسم، فراثت علي أمتي، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم قد ملؤوا السهل والجبل، فقال: يا محمد، أرضيت! قلت: نعم يا رب. قال: فإن لك مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.  

                                                              فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم: فقال: أنت منهم، ودعا له. فقام رجل آخر، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: سبقك بها عكاشة.
                                                              قال أبو عمر: قال بعض أهل العلم: إن ذلك الرجل كان منافقا، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعاريض من القول. وكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يمنع شيئا يسأله إذا قدر عليه [ ص: 1082 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية