الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2739 - وحشي بن حرب الحبشي.

                                                              من سودان مكة مولى لطعيمة بن عدي.

                                                              ويقال: هو مولى جبير بن مطعم بن عدي، كذا قال ابن إسحاق، وأكثرهم قال: يكنى أبا دسمة، وهو الذي قتل حمزة بن عبد المطلب  عم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وكان يومئذ وحشي كافرا، استخفى له خلف حجر ثم رماه بحربة كانت معه، وكان يرمي بها رمي الحبشة فلا يكاد يخطئ. واستشهد حمزة حينئذ، ثم أسلم وحشي بعد أخذ الطائف، وشهد اليمامة، ورمى مسيلمة بحربته التي قتل بها حمزة، وزعم أنه أصابه [ ص: 1565 ] وقتله، وكان يقول: قتلت بحربتي هذه خير الناس وشر الناس، حكى ذلك جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن وحشي. وفي خبره ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوحشي - حين أسلم: غيب وجهك عني يا وحشي، لا أراك. وذكر ابن إسحاق عن سليمان بن يسار قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت قائلا يقول يوم اليمامة: قتله العبد الأسود. وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: مات وحشي بن حرب في الخمر فيما زعموا.

                                                              قال أبو عمر: رويت عنه أحاديث مسندة مخرجها عن ولده وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب، عن أبيه حرب بن وحشي، عن أبيه وحشي، وهو إسناد ليس بالقوي، يأتي بمناكير. وقد ظن بعض أهل الحديث أن هذا الإسناد: وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده ليس هو وحشي هذا فغلط والله أعلم. وزعم محمد بن الحسين الأزدي الموصلي أن وحشي بن حرب الذي يروي عنه ولده وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب غير أبي دسمة قاتل حمزة، وأن ذلك كان يسكن دمشق، وهذا الذي روى عنه ولده سكن حمص، وليس كما قال، والذي سكن حمص هو الذي قتل حمزة، ولا يصح وحشي بن حرب غيره.

                                                              والدليل على ذلك ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن مهران، قال: حدثنا محمد بن نمير، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، قال: خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار، فمررنا بحمص وبها وحشي، فقلنا: لو أتيناه فسألناه عن قتله حمزة كيف [ ص: 1566 ] قتله؟ فأقبلنا نحوه فلقينا رجلا ونحن نسأل عنه، فقال: إنه رجل قد غلبت عليه الخمر، فإن تجداه صاحيا تجداه رجلا عربيا يحدثكما ما شئتما من حديث، وإن تجداه على غير ذلك فانصرفا عنه. قال: فأقبلنا حتى انتهينا إليه . . .

                                                              وذكر تمام الخبر.

                                                              وفي هذا ما يدل على أن وحشيا قاتل حمزة سكن حمص، وهو الذي يحدث عنه ولده. وهو إسناد ضعيف لا يحتج به. وقد جاء بذلك الإسناد أحاديث منكرة لم ترو بغير ذلك الإسناد، والله أعلم.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية