الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3344 - رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية ، أم حبيبة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، اختلف في اسمها ، فقيل رملة وقيل هند والمشهور رملة ، وهو الصحيح عند جمهور أهل العلم بالنسب والسير والحديث والخبر ، وكذلك قال الزبير : وروى ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، قال : خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة ، زوجها إياه عثمان بن عفان بأرض الحبشة ، قال :

                                                              وأمها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان .

                                                              وروي عن سعيد ، عن قتادة - أن النجاشي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بأرض الحبشة وأصدق عنه بمائتي دينار . ذكره الزبير ، عن محمد بن الحسين ، عن سفيان بن عيينة ، عن سعيد ، عن قتادة [ ص: 1844 ] .

                                                              وذكر الزبير ، عن محمد بن حسن ، عن أبي ضمرة أنس بن عياض ، عن أبي بكر بن عثمان ، قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب ، واسمها رملة ، واسم أبيها صخر ، زوجها إياه عثمان بن عفان ، وهي بنت عمته ، أمها ابنة أبي العاص - زوجها إياه النجاشي ، وجهزها إليه ، وأصدقها أربعمائة دينار ، وأولم عليها عثمان بن عفان لحما وثريدا ، وبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحبيل ابن حسنة فجاء بها .  

                                                              قال أبو عمر : هكذا في كتاب الزبير في هذا الحديث ، مرة زوجها إياه عثمان بن عفان ، ومرة قال : زوجها إياه النجاشي . وهذا تناقض في الظاهر .

                                                              ويحتمل أن يكون النجاشي هو الخاطب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والعاقد عثمان بن عفان . وقيل : بل خطبها النجاشي وأمهرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم ، وعقد عليها خالد بن سعيد بن العاص . وقيل :

                                                              عثمان . وكذلك اختلف في موضع نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها كما اختلف فيمن عقد عليها ، فقيل : إن نكاحها كان بالمدينة بعد رجوعها من أرض الحبشة . [وقيل : بل تزوجها وهي بأرض الحبشة ] ، وهذا هو الأكثر والأصح إن شاء الله تعالى . وقيل : عقد عليها النجاشي . وقيل :

                                                              عثمان بن عفان . وقيل : خالد بن سعيد .

                                                              وكانت أم حبيبة تحت عبيد الله بن جحش الأسدي - أسد خزيمة - خرج بها مهاجرا من مكة إلى أرض الحبشة مع المهاجرين ، ثم افتتن وتنصر ومات نصرانيا . وأبت أم حبيبة أن تتنصر . وثبتها الله على الإسلام والهجرة حتى قدمت المدينة ، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوجه إياها عثمان بن عفان [ ص: 1845 ] هذا قول يروى عن قتادة . وكذلك روى الليث عن عقيل ، عن ابن شهاب - أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة بالمدينة .

                                                              وقال ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة إنها كانت عند عبيد الله بن جحش ، وكان رحل إلى النجاشي : فمات ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بأم حبيبة ، وهي بأرض الحبشة ، زوجه إياها النجاشي ، وأمهرها أربعة آلاف درهم ، فبعث بها مع شرحبيل ابن حسنة ، وجهزها من عنده ، وما بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ، وكان مهور سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم ، وكذلك قال مصعب والزبير : إن النجاشي زوجه إياها خلاف قول قتادة إن عثمان زوجه إياها بالمدينة .

                                                              وهو الصحيح إن شاء الله تعالى .

                                                              وقد ذكر الزبير في ذلك أخبارا كثيرة كلها يشهد لتزويج النجاشي إياها بأرض الحبشة ، إلا أنه ذكر الاختلاف فيمن زوجها وعقد عليها ، فقال قوم :

                                                              عثمان ، وقال آخرون : خالد بن سعيد بن العاص . وقال قوم : بل النجاشي عقد عليها ، فإنه أسلم ، وكان وليها هناك ، وإنما لم يل أبوها أبو سفيان [ابن حرب ] نكاحها ، لأنه كان يومئذ مشركا محاربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد روي أنه قيل له وهو يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              إن محمدا قد نكح ابنتك . فقال : ذلك الفحل لا يقدع أنفه .

                                                              وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة في سنة ست من التاريخ ، وتوفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين [ ص: 1846 ] .

                                                              وفي هذه السنة - بعد موت أم حبيبة - ادعى معاوية زيادا . وقيل : بل كان ذلك قبل موت أم حبيبة والله أعلم .

                                                              وروي عن علي بن الحسين ، قال : قدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب ، فحفرنا في ناحية منه ، فأخرجنا منه حجرا فإذا فيه مكتوب : هذا قبر رملة بنت صخر ، فأعدناه مكانه .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية