الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              4136 - أم حبيبة بنت أبي سفيان ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قد مضى ذكرها مجودا في باب الراء من الأسماء ، لأن اسمها رملة ، لا خلاف في ذلك إلا عند من شذ ممن يعد قوله خطأ ، ومن قال ذلك زعم أن رملة أختها .

                                                              وتوفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين ، ولم يختلفوا في وقت وفاتها .

                                                              أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : اسم أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رملة . قال أحمد بن زهير : ويقال هند والمشهور رملة .

                                                              قال أبو عمر : إنما دخلت الشبهة على من قال فيها هند باسم أم سلمة ، وكذلك دخلت الشبهة على من قال : اسم أم سلمة رملة . والصحيح في اسم أم سلمة هند ، وفي أم حبيبة رملة ، والله أعلم وكانت أم حبيبة عند عبيد الله بن جحش أخي عبد الله وأبي أحمد ابني جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي ، حلفاء بني أمية ، فولدت له حبيبة بأرض الحبشة ، وكان قد هاجر مع زوجته أم حبيبة إلى أرض الحبشة مسلما ، ثم تنصر هنالك ، ومات نصرانيا ، وبقيت أم حبيبة مسلمة بأرض الحبشة ، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي .

                                                              وذكر الزبير قال : حدثنا محمد بن الحسن عن عبد الله بن عمرو بن أزهر [ ص: 1930 ] عن إسماعيل بن عمرو - أن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت : ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي جارية يقال لها أبرهة ، كانت تقوم على ثيابه ودهنه ، فاستأذنت علي فأذنت لها . فقالت : إن الملك يقول لك : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجكه . فقلت : بشرك الله بخير ، وقالت : يقول لك الملك وكلي من يزوجك فأرسلت إلى خالد بن سعيد فوكلته ، وأعطيت أبرهة سوارين من فضة كانتا علي وخواتيم فضة كانت في أصابعي سرورا بما بشرتني به .

                                                              فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك معه من المسلمين يحضرون ، وخطب النجاشي فقال : الحمد لله ، الملك القدوس ، السلام المؤمن ، المهيمن العزيز ، الجبار [المتكبر ] أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم . أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد أصدقتها أربعمائة دينار ثم سكب الدنانير بين يدي القوم ، فتكلم خالد بن سعيد فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون . أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان .

                                                              فبارك الله لرسول الله عليه السلام . ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها ، ثم أرادوا أن يقوموا فقال : اجلسوا ، فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج .  فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا .
                                                              وقال : وحدثني محمد بن [ ص: 1931 ] حسن ، عن محمد بن طلحة قال : قدم خالد بن سعيد ، وعمرو بن العاص بأم حبيبة من أرض الحبشة عام الهدنة .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية