الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              549 - حنظلة الغسيل، وهو حنظلة بن أبي عامر الراهب الأنصاري الأوسي، من بني عمرو بن عوف.

                                                              قال ابن إسحاق: هو حنظلة بن أبي عامر، واسم أبي عامر عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة ويقال: اسم أبي عامر الراهب عبد عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة. ويقال: ابن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد [بن مالك بن] عوف بن عمرو بن عوف [بن مالك بن الأوس بن حارثة الأنصاري الأوسي] وأبوه أبو عامر، كان يعرف بالراهب في الجاهلية، وكان هو وعبد الله بن أبي بن سلول قد نفسا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الله به عليه.

                                                              فأما عبد الله بن أبي بن سلول فآمن ظاهره وأضمر النفاق، وأما أبو عامر فخرج إلى مكة، ثم قدم مع قريش يوم أحد محاربا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق، فلما فتحت مكة لحق بهرقل هاربا إلى الروم، فمات كافرا عند هرقل، وكان معه هناك كنانة بن عبد ياليل وعلقمة بن علاثة، فاختصما في ميراثه إلى هرقل، فدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل، وقال لعلقمة: هما من أهل المدر، وأنت من أهل الوبر.

                                                              [ ص: 381 ]

                                                              وكانت وفاة أبي عامر الراهب عند هرقل في سنة تسع. وقيل في سنة عشر من الهجرة.

                                                              وأما حنظلة ابنه فهو المعروف بغسيل الملائكة،  قتل يوم أحد شهيدا، قتله أبو سفيان بن حرب، وقال حنظلة بحنظلة، يعني بابنه حنظلة المقتول ببدر : وقيل. بل قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي.

                                                              وقال مصعب الزبيري: بارز أبو سفيان بن حرب حنظلة بن أبي عامر الغسيل، فصرعه حنظلة، فأتاه ابن شعوب وقد علاه حنظلة فأعانه حتى قتل حنظلة، فقال أبو سفيان :


                                                              ولو شئت نجتني كميت طمرة ولم أحمل النعماء لابن شعوب

                                                              في أبيات كثيرة.

                                                              وذكر أهل السيرة أن حنظلة الغسيل كان قد ألم بأهله في حين خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه من الخروج في النفير ما أنساه الغسل، وأعجله عنه، فلما قتل شهيدا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة غسلته. وروى حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة بن أبي عامر الأنصاري: ما كان شأنه؟ قالت: كان جنبا وغسلت أحد شقي رأسه، فلما سمع الهيعة خرج فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت الملائكة تغسله. وابنه عبد الله بن حنظلة، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد ذكرناه في باب العبادلة من هذا الكتاب.

                                                              [ ص: 382 ]

                                                              حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم البغدادي الدورقي، قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، قال: افتخرت الأوس فقالوا: منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب، ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت، ومنا من اهتز بموته عرش الرحمن سعد بن معاذ. فقال الخزرجيون: منا أربعة قرؤوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقرأه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، ومعاذ بن جبل. وأبي بن كعب.

                                                              قال أبو عمر رحمه الله: يعني لم يقرأه كله أحد منكم يا معشر الأوس، ولكن قد قرأه جماعة من غير الأنصار، منهم عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية