الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يحلون فيها من أساور من ذهب  لو ألقيت (من) من الأساور كانت نصبا ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها، وإنما يحسن [ ص: 141 ] النصب في المفسر إذا كان معروف العدد، كقولك: عندي جبتان خزا، وأسواران ذهبا، وثلاثة أساور ذهبا. فإذا قلت: عندي أساور ذهبا فلم تبين عددها كان بمن، لأن المفسر ينبغي لما قبله أن يكون معروف المقدار. ومثله قول الله تبارك وتعالى وينزل من السماء من جبال فيها من برد المعنى: فيها جبال برد، فدخلت (من) لأن الجبال غير معدودة في اللفظ. ولكنه يجوز كأنك تريد بالجبال والأساور الكثيرة، كقول القائل: ما عنده إلا خاتمان ذهبا قلت أنت: عنده خواتم ذهبا لما أن كان ردا على شيء معلوم العدد فأنزل الأساور والجبال من برد على هذا المذهب.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما (يحلون) فلو قال قائل: يحلون لجاز، لأن العرب تقول: امرأة حالية، وقد حليت فهي تحلى إذا لبست الحلي فهي تحلى حليا وحليا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله نعم الثواب ولم يقل: نعمت الثواب، وقال وحسنت مرتفقا فأنث الفعل على معنى الجنة ولو ذكر بتذكير المرتفق كان صوابا، كما قال وبئس المهاد ، وبئس القرار ، وبئس المصير وكما قال بئس للظالمين بدلا يريد إبليس وذريته، ولم يقل بئسوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد يكون (بئس) لإبليس وحده أيضا. والعرب توحد نعم وبئس وإن كانتا بعد الأسماء فيقولون:

                                                                                                                                                                                                                                      أما قومك فنعموا قوما، ونعم قوما، وكذلك بئس. وإنما جاز توحيدها لأنهما ليستا بفعل يلتمس معناه، إنما أدخلوهما لتدلا على المدح والذم، ألا ترى أن لفظهما لفظ فعل وليس معناهما كذلك، وأنه لا يقال منهما يبأس الرجل زيد، ولا ينعم الرجل أخوك، فلذلك استجازوا الجمع [ ص: 142 ] والتوحيد في الفعل. ونظيرهما عسى أن يكونوا خيرا منهم وفي قراءة عبد الله (عسوا أن يكونوا خيرا منهم) ألا ترى أنك لا تقول، هو يعسي كما لم تقل يبأس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية