الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال: يدعو لمن ضره  فجاء التفسير: يدعو من ضره أقرب من نفعه وقد حالت اللام بينهما. وكذلك هي في قراءة عبد الله (يدعو من ضره) ولم نجد العرب تقول ضربت لأخاك ولا رأيت لزيدا أفضل منك. وقد اجتمعت القراء على ذلك. فترى أن جواز ذلك لأن (من) حرف لا يتبين فيه الإعراب، فأجيز بـ: فاستجيز الاعتراض باللام دون الاسم إذ لم يتبين فيه الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر عن العرب أنهم قالوا: عندي لما غيره خير منه، فحالوا باللام دون الرافع. وموقع اللام كان ينبغي أن يكون في (ضره) وفي قولك: عندي ما لغيره خير منه. فهذا وجه القراءة للاتباع. وقد يكون قوله: ذلك هو الضلال البعيد يدعو فتجعل يدعو من صلة الضلال البعيد وتضمر في يدعو الهاء، ثم تستأنف الكلام باللام، فتقول لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى كقولك في مذهب الجزاء لما فعلت لهو خير لك. وهو وجه قوي في العربية.

                                                                                                                                                                                                                                      ووجه آخر لم يقرأ به. وذلك أن تكسر اللام في (لمن) وتريد يدعو إلى من ضره أقرب من نفعه، فتكون اللام بمنزلة إلى، كما قال الحمد لله الذي هدانا لهذا وإلى هذا وأنت قائل في الكلام: دعوت إلى فلان ودعوت لفلان بمعنى واحد. ولولا كراهية خلاف الآثار والاجتماع [ ص: 218 ] لكان وجها جيدا من القراءة. ويكون قوله يدعو التي بعد البعيد مكرورة على قوله يدعو من دون الله يدعو مكررة، كما تقول: يدعو يدعو دائبا، فهذا قوه لمن نضب اللام ولم يوقع (يدعو) على (من) والضلال البعيد الطويل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية