وقوله يؤلف بينه يقول القائل: بين لا تصلح إلا مضافة إلى اثنين فما زاد، فكيف قال ثم يؤلف بينه وإنما هو واحد؟ قلنا: هو واحد في اللفظ ومعناه جمع ألا ترى قوله وينشئ السحاب الثقال ألا ترى أن واحدته سحابة، فإذا ألقيت الهاء كان بمنزلة نخلة ونخل وشجرة وشجر، وأنت قائل: فلان بين الشجر وبين النخل، فصلحت (بين) مع النخل وحده لأنه جمع في المعنى. والذي لا يصلح من ذلك قولك: المال بين زيد، فهذا خطأ حتى تقول: بين زيد وعمرو وإن نويت بزيد أنه اسم لقبيلة جاز ذلك كما تقول: المال بين تميم تريد: المال بين بني تميم وقد قال الأشهب بن رميلة:
قفا نسأل منازل آل ليلى بتوضح بين حومل أو عرادا
أراد بحومل منزلا جامعا فصلحت (بين) فيه لأنه أراد بين أهل حومل أو بين أهل عراد.
وقوله فترى الودق الودق: المطر.
وقوله فيصيب به من يشاء يعذب به من يشاء.
قوله من جبال فيها من برد والمعنى- والله أعلم- أن الجبال في السماء من برد خلقة مخلوقة، كما تقول في الكلام، الآدمي من لحم ودم فـ (من) هاهنا تسقط فتقول: الآدمي لحم ودم، [ ص: 257 ] والجبال برد. وكذا سمعت تفسيره. وقد يكون في العربية أمثال الجبال ومقاديرها من البرد، كما نقول: عندي بيتان تبنا، والبيتان ليسا من التبن، إنما تريد: عندي قدر بيتين من التبن. فمن في هذا الموضع إذا أسقطت نصبت ما بعدها، كما قال أو عدل ذلك صياما وكما قال ملء الأرض ذهبا .
وقوله يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار وقد قرأها أبو جعفر (يذهب بالأبصار) وقوله: والله خالق كل دابة و (خلق) وأصحاب قرأوا (خالق) ذكر عن عبد الله - قال أبي إسحاق السبيعي وهو الهمداني- أنه قال: صليت إلى جنب الفراء: عبد الله بن معقل فسمعته يقول (والله خالق كل دابة) والعوام بعد (خلق كل) .
وقوله كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه يقال: كيف قال من يمشي وإنما تكون (من) للناس وقد جعلها هاهنا للبهائم؟
قلت: لما قال (خالق كل دابة) فدخل فيهم الناس كنى عنهم فقال (منهم) لمخالطتهم الناس، ثم فسرهم بمن لما كنى عنهم كناية الناس خاصة، وأنت قائل في الكلام: من هذان المقبلان لرجل ودابته، أو رجل وبعيره. فتقوله بمن وبما لاختلاطهما، ألا ترى أنك تقول: الرجل وأباعره مقبلون فكأنهم ناس إذا قلت: مقبلون.