الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يزجي سحابا  يسوقه حيث يريد والعرب تقول: نحن نزجي المطي أي نسوقه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله يؤلف بينه يقول القائل: بين لا تصلح إلا مضافة إلى اثنين فما زاد، فكيف قال ثم يؤلف بينه وإنما هو واحد؟ قلنا: هو واحد في اللفظ ومعناه جمع ألا ترى قوله وينشئ السحاب الثقال ألا ترى أن واحدته سحابة، فإذا ألقيت الهاء كان بمنزلة نخلة ونخل وشجرة وشجر، وأنت قائل: فلان بين الشجر وبين النخل، فصلحت (بين) مع النخل وحده لأنه جمع في المعنى. والذي لا يصلح من ذلك قولك: المال بين زيد، فهذا خطأ حتى تقول: بين زيد وعمرو وإن نويت بزيد أنه اسم لقبيلة جاز ذلك كما تقول: المال بين تميم تريد: المال بين بني تميم وقد قال الأشهب بن رميلة:


                                                                                                                                                                                                                                      قفا نسأل منازل آل ليلى بتوضح بين حومل أو عرادا



                                                                                                                                                                                                                                      أراد بحومل منزلا جامعا فصلحت (بين) فيه لأنه أراد بين أهل حومل أو بين أهل عراد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله فترى الودق الودق: المطر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله فيصيب به من يشاء يعذب به من يشاء.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله من جبال فيها من برد والمعنى- والله أعلم- أن الجبال في السماء من برد خلقة مخلوقة، كما تقول في الكلام، الآدمي من لحم ودم فـ (من) هاهنا تسقط فتقول: الآدمي لحم ودم، [ ص: 257 ] والجبال برد. وكذا سمعت تفسيره. وقد يكون في العربية أمثال الجبال ومقاديرها من البرد، كما نقول: عندي بيتان تبنا، والبيتان ليسا من التبن، إنما تريد: عندي قدر بيتين من التبن. فمن في هذا الموضع إذا أسقطت نصبت ما بعدها، كما قال أو عدل ذلك صياما وكما قال ملء الأرض ذهبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار وقد قرأها أبو جعفر (يذهب بالأبصار) وقوله: والله خالق كل دابة و (خلق) وأصحاب عبد الله قرأوا (خالق) ذكر عن أبي إسحاق السبيعي - قال الفراء: وهو الهمداني- أنه قال: صليت إلى جنب عبد الله بن معقل فسمعته يقول (والله خالق كل دابة) والعوام بعد (خلق كل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه يقال: كيف قال من يمشي وإنما تكون (من) للناس وقد جعلها هاهنا للبهائم؟

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: لما قال (خالق كل دابة) فدخل فيهم الناس كنى عنهم فقال (منهم) لمخالطتهم الناس، ثم فسرهم بمن لما كنى عنهم كناية الناس خاصة، وأنت قائل في الكلام: من هذان المقبلان لرجل ودابته، أو رجل وبعيره. فتقوله بمن وبما لاختلاطهما، ألا ترى أنك تقول: الرجل وأباعره مقبلون فكأنهم ناس إذا قلت: مقبلون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية