الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأما ثمود فهديناهم  

                                                                                                                                                                                                                                      القراءة برفع ثمود، قرأ بذلك عاصم، وأهل المدينة والأعمش. إلا أن الأعمش كان يجري ثمود في كل القرآن إلا قوله: وآتينا ثمود الناقة ، فإنه كان لا ينون، لأن كتابه بغير ألف. ومن أجراها جعلها اسما لرجل أو لجبل، ومن لم يجرها جعلها اسما للأمة التي هي منها قال: وسمعت بعض العرب يقول: تترك بني أسد وهم فصحاء، فلم يجر أسد، وما أردت به القبيلة من الأسماء التي تجرى فلا تجرها، وإجراؤها أجود في العربية مثل قولك: جاءتك تميم بأسرها، وقيس بأسرها، فهذا مما يجرى، ولا يجرى مثل التفسير في ثمود وأسد.

                                                                                                                                                                                                                                      وكان الحسن يقرأ: وأما ثمود فهديناهم بنصب ، وهو وجه، والرفع أجود منه، لأن أما تطلب الأسماء، وتمتنع من الأفعال، فهي بمنزلة الصلة للاسم، ولو كانت أما حرفا يلي الاسم إذا شئت، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله: والقمر قدرناه منازل ، ألا ترى أن الواو تكون مع الفعل، ومع الاسم؟ فتقول: عبد الله ضربته وزيدا تركته لأنك تقول: وتركت زيدا، فتصلح في الفعل الواو كما صلحت في الاسم، ولا تقول: أما ضربت فعبد الله ، كما تقول: أما عبد الله فضربت، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة فإنه يقول:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 15 ] خلقة ما نصب الأسماء أن يسبقها لا أن تسبقه . وكل صواب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فهديناهم .

                                                                                                                                                                                                                                      يقول: دللناهم على مذهب الخير، ومذهب الشر، كقوله: وهديناه النجدين .

                                                                                                                                                                                                                                      الخير، والشر .

                                                                                                                                                                                                                                      [حدثنا أبو العباس قال، حدثنا محمد قال] حدثنا الفراء قال: حدثني قيس عن زياد بن علاقة عن أبي عمارة عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله: وهديناه النجدين : الخير، والشر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو زكريا: وكذلك قوله: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا .

                                                                                                                                                                                                                                      والهدى على وجه آخر الذي هو الإرشاد بمنزلة قولك: أسعدناه، من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده في كثير من القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية