وقوله : بلوناهم
بلونا أهل مكة كما بلونا أصحاب الجنة ، وهم قوم من أهل اليمن كان لرجل منهم زرع ، ونخل ، وكرم ، وكان يترك للمساكين من زرعه ما أخطأه المنجل ، ومن النخل ما سقط على البسط ، ومن الكرم ما أخطأه القطاف . كان ذلك يرتفع إلى شيء كثير ، ويعيش فيه اليتامى والأرامل والمساكين فمات الرجل ، وله بنون ثلاثة فقالوا : كان أبونا يفعل ذلك ، والمال كثير ، والعيال قليل ، فأما إذ كثر العيال ، وقل المال فإنا ندع ذلك ، ثم تآمروا أن يصرموا [ ص: 175 ] في سدف : في ظلمة- باقية من الليل لئلا يبقى للمساكين شيء ، فسلط الله على مالهم نارا فأحرقته ، فغدوا على مالهم ليصرموه ، فلم يروا شيئا إلا سوادا فقالوا : إنا لضالون ، ما هذا بمالنا ، ثم قال بعضهم : بل هو مالنا حرمناه بما صنعنا بالأرامل والمساكين ، وكانوا قد أقسموا ليصرمنها أول الصباح ، ولم يستثنوا : لم يقولوا : إن شاء الله ، فقال أخ لهم أوسطهم ، أعدلهم قولا : ألم أقل لكم لولا تسبحون ؟ فالتسبيح هاهنا في معنى الاستثناء ، وهو كقوله :
واذكر ربك إذا نسيت .


