الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : استمع نفر من الجن  

                                                                                                                                                                                                                                      ذكر : أن الشياطين لما رجمت وحرست منها السماء قال إبليس : هذا نبي قد حدث ، فبث جنوده في الآفاق ، وبعث تسعة منهم من اليمن إلى مكة ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ببطن نخلة قائما يصلي ويتلو القرآن ، فأعجبهم ورقوا له ، وأسلموا ، فكان من قولهم ما قد قصه الله في هذه السورة [ ص: 191 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد اجتمع القراء على كسر إنا في قوله : فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، واختلفوا فيما بعد ذلك ، فقرؤوا : وإنا ، وأنا إلى آخر السورة ، وكسروا بعضا ، وفتحوا بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] : حدثنا الفراء قال : فحدثني الحسن بن عياش أخو أبي بكر بن عياش ، وقيس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن قيس أنه قرأ ما في الجن ، والنجم :

                                                                                                                                                                                                                                      (وأنا) ، بالفتح . قال الفراء : وكان يحيى وإبراهيم وأصحاب عبد الله كذلك يقرؤون . وفتح نافع المدني ، وكسر الحسن ومجاهد ، وأكثر أهل المدينة إلا أنهم نصبوا : وأن المساجد لله [حدثنا محمد قال : ] حدثنا الفراء قال : وحدثني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : أوحي إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد اقتصاص أمر الجن : وأن المساجد لله فلا تدعوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وكان [عاصم بكسر ما كان ] من قول الجن ، ويفتح ما كان من الوحي . فأما الذين فتحوا كلها فإنهم ردوا " أن " في كل السورة على قوله : فآمنا به ، وآمنا بكل ذلك ، ففتحت " أن " لوقوع الإيمان عليها ، وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن في بعض ما فتح ، ويقبح في بعض ، ولا يمنعك ذلك من إمضائهن على الفتح ، فإن الذي يقبح من ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان يوجب فتح أن كما قالت العرب .


                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا



                                                                                                                                                                                                                                      فنصب العيون باتباعها الحواجب ، وهي لا تزجج إنما تكحل ، فأضمر لها الكحل ، [ ص: 192 ] وكذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنا ، ويحسن : صدقنا ، وألهمنا ، وشهدنا ، ويقوى النصب

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية