وقوله والركب أسفل منكم يعني والعير، كانوا على شاطئ البحر. أبا سفيان
وقوله أسفل منكم نصبت يريد: مكانا أسفل منكم. ولو وصفهم بالتسفل وأراد: والركب أشد تسفلا لجاز ورفع.
وقوله ويحيى من حي عن بينة كتابتها على الإدغام بياء واحدة، وهي أكثر قراءة القراء. وقد قرأ بعضهم (حيي عن بينة) بإظهارها. وإنما أدغموا الياء مع الياء وكان ينبغي لهم ألا يفعلوا لأن الياء الآخرة لزمها النصب في فعل، فأدغموا لما التقى حرفان متحركان من جنس واحد. ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الآخرة، فتقول للرجلين: قد حيا، وحييا. وينبغي للجمع ألا يدغم لأن ياءه [ ص: 412 ] يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي لها أن تسكن فتسقط بواو الجمع. وربما أظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادة تأليف الأفعال وأن تكون كلها مشددة.
فقالوا في حييت حيوا، وفي عييت عيوا أنشدني بعضهم:
يحدن بنا عن كل حي كأننا أخاريس عيوا بالسلام وبالنسب
يريد النسب. وقال الآخر:
من الذين إذا قلنا: حديثكم عيوا، وإن نحن حدثناهم شغبوا
وقد اجتمعت العرب على إدغام التحية والتحيات بحركة الياء الأخيرة فيها كما استحبوا إدغام عي وحي بالحركة اللازمة فيها. وقد يستقيم أن تدغم الياء والياء في يحيا ويعيا وهو أقل من الإدغام في حي لأن يحيا يسكن ياؤها إذا كانت في موضع رفع، فالحركة فيها ليست لازمة. وجواز ذلك أنك إذا نصبتها كقول الله تبارك وتعالى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى استقام إدغامها هاهنا ثم نؤلف الكلام، فيكون في رفعه وجزمه بالإدغام فتقول (هو يحي ويميت) أنشدني بعضهم:
وكأنها بين النساء سبيكة تمشي بسدة بيتها فتعي
وكذلك يحيان ويحيون [ ص: 413 ] .
وقوله: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم هذا إبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة يقال له قال سراقة بن جعشم. وقوله الفراء: وإني جار لكم من قومي بني كنانة ألا يعرضوا لكم، وأن يكونوا معكم على محمد (صلى الله عليه وسلم) فلما عاين الملائكة عرفهم ف " نكص على عقبيه" ، فقال له يا الحارث بن هشام: أفرارا من غير قتال! فقال سراقة إني أرى ما لا ترون .