الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقالت اليهود عزير ابن الله  قرأها الثقات بالتنوين وبطرح التنوين. والوجه أن ينون لأن الكلام ناقص (وابن) في موضع خبر لعزير. فوجه العمل في ذلك أن تنون ما رأيت الكلام محتاجا إلى ابن. فإذا اكتفى دون ابن، فوجه الكلام ألا ينون. وذلك مع ظهور اسم أبي الرجل أو كنيته. فإذا جاوزت ذلك فأضفت (ابن) إلى مكنى عنه مثل ابنك، وابنه، أو قلت: ابن الرجل، أو ابن الصالح، أدخلت النون في التام منه والناقص. وذلك أن حذف النون إنما كان في الموضع الذي يجرى في الكلام كثيرا، فيستخف طرحها في الموضع الذي يستعمل. وقد ترى الرجل يذكر بالنسب إلى أبيه كثيرا فيقال:

                                                                                                                                                                                                                                      من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان، فلا يجرى كثيرا بغير ذلك. وربما حذفت النون وإن لم يتمم الكلام لسكون الباء من ابن، ويستثقل النون إذ كانت ساكنة لقيت ساكنا، فحذفت استثقالا لتحريكها. قال: من ذلك قراءة القراء:

                                                                                                                                                                                                                                      (عزير ابن الله) . وأنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      لتجدني بالأمير برا وبالقناة مدعسا مكرا     إذا غطيف السلمي فرا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 432 ] وقد سمعت كثيرا من القراء الفصحاء يقرؤون: قل هو الله أحد الله الصمد.

                                                                                                                                                                                                                                      فيحذفون النون من (أحد) . وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                      كيف نومي على الفراش ولما     تشمل الشام غارة شعواء
                                                                                                                                                                                                                                      تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي     عن خدام العقيلة العذراء



                                                                                                                                                                                                                                      أراد: عن خدام، فحذف النون للساكن إذ استقبلتها. وربما أدخلوا النون في التمام مع ذكر الأب أنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      جارية من قيس ابن ثعلبة     كأنها حلية سيف مذهبه



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                      وإلا يكن مال يثاب فإنه     سيأتي ثنائي زيدا ابن مهلهل



                                                                                                                                                                                                                                      وكان سبب قول اليهود: عزير ابن الله أن  بخت نصر قتل كل من كان يقرأ التوراة، فأتي بعزير فاستصغره فتركه. فلما أحياه الله أتته اليهود، فأملى عليهم التوراة عن ظهر لسانه. ثم إن رجلا من اليهود قال: إن أبي ذكر أن التوراة مدفونة في بستان له، فاستخرجت وقوبل بها ما أملى عزير فلم يغادر منها حرفا.

                                                                                                                                                                                                                                      فقالت اليهود: ما جمع الله التوراة في صدر عزير وهو غلام إلا وهو ابنه- تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا- [ ص: 433 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقالت النصارى المسيح ابن الله. وذكر أن رجلا دخل في النصارى وكان خبيثا منكرا فلبس عليهم، وقال: هو هو. وقال: هو ابنه، وقال: هو ثالث ثلاثة. فقال الله تبارك وتعالى في قولهم ثالث ثلاثة:

                                                                                                                                                                                                                                      يضاهئون قول الذين كفروا في قولهم: اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية